مدينة إسبانية فقط للمثقفين!

1

قد نكون مجحفين بحق فريق Eisenman المعماري فيما لو لخصنا هذا المشروع الضخم بأنه مجرد مركز ثقافي، وسنكون عادلين فقط فيما لو نظرنا إليه على أنه مدينة ثقافية، إذ تتوسط هذه المدينة إحدى الشوارع الهامة في مدينة سانتياغو من فترة القرون الوسطى، ليقبع هذا الشارع بدوره على جانب التل ويطل على كامل المدينة، في حين تمتد على شبكة الطرق هناك شبكة إحداثية ديكارتية.

وبذلك فسحت طبوغرافية التلة المجال أمام إجراء بعض التعديلات على الموقع المسطّح، حيث استخدم الفريق الأمريكي نظام نمذجة محوسب للتوصل إلى سطحٍ طبوغرافي قادر على دمج الموقع القديم والمدينة الجديد على نحوٍ لم يسبق له مثيل من قبل، فحسبما يصف المعماريون مقاربتهم التصميمية؛ هم يعتمدون في كل مشروع على النظر في الطبقات الفيزيائية والمادية للموقع قبل كل شيء، ويبدو أن مشروع اليوم لم يكن استثناءً على الإطلاق.

ولا ننكر هنا بأن المركز الأصلي لمدينة سانتياغو يتوافق أصلاً مع العمرانية الحديثة؛ حيث تكون المباني عبارة عن رسومات أو كتل صلبة، وحيث تكون الشوارع عبارة عن مساحات زائدة أو فارغة، إذ نلاحظ بأن المشروع، وفقاً لهذه الرؤية، يظهر على شكل سطحٍ مقوس ليس بمجرد رسم وليس جزءاً من الأرض، بل هو عبارة عن أرض تم رسمها على نحوٍ مبتكر لتتناقض في شكلها مع شكل الأرض في المدينة القديمة، فلم يكن النية مجرد محاكاة العمارة الوسطى في سانتياغو بقدر ما كانت إعطاء بعد جديد مألوف نوعاً ما ولكن في قالب معاصر.

صممت مباني المشروع الستة وفق ثلاثة أزواج وهي؛ متحف غاليسيا والمركز الدولي للفنون، مركز الموسيقى والفنون المسرحية ومبنى الخدمات المركزية، مكتبة غاليسيا والأرشيف الجاليكي، وبذلك سوف يلاحظ زوار المدينة ارتباط كل مبنىً مع الذي يليه، وكذلك الأمر بالنسبة لشوارع المشاة ما بين المباني، حيث تم تصميمها مفتوحة على ساحة عامة تحدها المباني الستة تضم فيما تضم خضرةً ومياه.

ويعد مسرح الفنون المسرحية أكبر مبنى من مباني المشروع، إذ يرتفع حتى 42,5 متر، ولكن هذه المباني على ارتفاعها لم تكن لتؤثر على التلة بل على العكس تماماً، نجح فريق Eisenman بتشذيب أطرافها قليلاً، حتى تبدو التلة وكأنها اتخذت شكلاً جديداً، ليقوم فيما بعد بإكساء أسطح المباني بالحجر كي لا تبدو دخيلةً على عمارة الموقع.

يُذكر أن مكتبة غاليسيا والأرشيف الجاليكي قد فتحا أبوابهما لأول مرة يوم 11 كانون الثاني 2011 خلال حفل ترأسه أمير وأميرة أستورياس، وتستوعب المكتبة على مساحة 17372 متر مربع مليون كتاب، حيث تأتي هذه الكتب إما مفتوحة أمام العامة وإما مخزنة على عدة مستويات، في حين يضم الأرشيف على مساحة 14149 متر مربع مساحات للبحوث ومعرض، وتزدان المكتبة والأرشيف بكسوة من حجر الكوارتز وعدد من الجدران المستعارة، ومن المتوقع أن يتم افتتاح المتحف والمباني الإدارية في أواخر خريف 2011.

إقرأ ايضًا