عمارة الجوامع تعود إلى بساطتها في بنغلاديش

3

تتخذ العمارة الإسلامية منحنىً جديداً هذه الأيام بعيداً عن الزخارف والنقوش التي كانت ولعهودٍ طوال حلقةً مفصلية في تصميم الجوامع في كافة أنحاء العالم، إذ تنتشر في عالمنا الإسلامي مؤخراً موضة الجوامع العصرية، والتي تبدو أقرب إلى البساطة منها إلى التكلف والبهرجة، ويعتبر جامع تشاندغاون في بنغلادش إحدى أهم هذه الأمثلة.

والحق يقال فإن هذه البساطة هي بالضبط ما جاء لينادي به الإسلام الذي أكد دائماً على البعد الروحي لمكان العبادة، وبالحديث عن جامع اليوم من تصميم كاشف محبوب شودهري، يمكننا القول بأنه جاء ليحيي الجامع التقليدي في أذهاننا من جديد بوقوعه في أطراف الضواحي من ميناء تشيتاغونغ في بنجلادش على مساحة 1,048 م2.

إذ ساهم هذا الموقع المميز بإضفاء جوٍ روحاني على تشاندغاون وفي جعله ملاذاً يتجمع فيه أهالي المنطقة، ولكن تبقى النقطة الأبرز في التصميم والتي ركز عليها فريق العمل خلق نموذجٍ جديد يعود في تصنيفه إلى الألفية الأولى، لتكون النتيجة عبارة عن جامعٍ متآلفٍ واستثنائيٍّ على الرغم من بساطته وكتلتيه المتماثلتين.

إذ يتألف جامع تشاندغاون من كتلتين؛ الأولى تمثل الساحة الأمامية بجدرانها الحجرية الثقيلة التي تتخللها فتحاتٍ منخفضة وواسعة على الأراضي الطبيعية المحيطة بالإضافة إلى فتحةٍ كبيرة في الأعلى على شكل عين، بينما يسترعينا في الكتلة الثانية جدار المحراب المضاء بشكلٍ طبيعي تدعمه قبة مقطوعة على نحوٍ مذهل.

حيث تسهم الفتحات بإعطاء إحساسٍ بالانفتاح فضلاً عن الإضاءة والتهوية الطبيعية خلال النهار، بينما تقوم وخلال الليل بالسماح بخروج الضوء من الجامع على نحوٍ يشبه المنارة، وبذلك يستحق جامع تشاندغاون، والفضل لتفاصيله الهندسية الواضحة والدقيقة، أن يضاف إلى قائمة الجوامع المحترمة التي ساهمت بخفض الملامح المعمارية التي جاءت بفعل الجوامع الدارجة ذات المستوى الفني الهابط.

لقد استطاع جامع اليوم أن يخلق حالةً معمارية مختلفة تتناسب ورغبتنا في التواجد في أماكن عصرية، وتعبر في الوقت نفسه عن القيم العالمية في وقتنا الحاضر.

إقرأ ايضًا