مركزٌ لترويج العلوم في بلغراد الجديدة

6

بتكليفٍ من وزراة العلوم والتنمية التنكنولوجية في جمهورية صربيا، قام كلٌ من ميلوس ستيفانوفيتش ونيبويسا زيفكوفيتش ويانكو تاديتش وأليكسندر غسيتش وسلوبودانكا تاديتش بتقديم اقتراحهم لتصميم مركز الترويج للعلوم، آملين التخفيف من المشاكل العديدة التي ألحقتها مدينة بلغراد الجديدة بمواطنيها، وذلك بخلق بيئاتٍ مختلفة بالاعتماد على الحركة المستمرة داخل الفضاء.

فعلى الرغم من أن بلغراد الجديدة قد صُممت بالاستعانة بأحدث المبادئ المعمارية، إلا أن ذلك لم يمنع ظهور بعض النواقص، وكبقية المستوطنات التي بنيت استناداً على مبادئ ميثاق أثينا، فإن بلغراد الجديدة قد خلقت مشاكل عديدة لمواطنيها مثل المساحات المفتوحة الكبيرة جداً والمباني الرتيبة، ناهيك عن فقدان الأبعاد البشرية للمساحة والكتل الجامدة والمقيدة والتي أدت مجتمعة إلى هجرة المواطنين عن المدينة.

ولكن مشروع Block 39 بمساحةٍ لا تتجاوز 11,100 م2 جاء ليقلب المقاييس ويضع حداً لهذه المشكلة، فعلى الرغم من كونه مركز تعليمٍ مستقبلي إلا أنه يشكل استمراراً لعملية التطوير التي تشهدها بلغراد الجديدة، وتعود الفكرة الأساسية لهذا المركز إلى رغبة فريق العمل بكسر نمطية المناطق العامة الكبيرة، وتحويلها إلى أخرى صغيرة قادرة على خلق بيئاتٍ مختلفة داخل الكتلة.

وقد تم ذلك بالقيام ببعض التدخلات الطفيفة في الأرض وخاصةً في أماكن الجلوس الهامة في الموقع، حيث تم خلق منطقتين متداخلتين داخل الكتلة يقسمهما ممر المشاة الرئيسي، كما ويتضمن الاقتراح فكرة إنشاء بيئة خالية من السيارات باستخدام مواقف السيارات تحت الأرض، وتلك التي تحظى بممرات وصولٍ إلى المرافق والأجزاء الرئيسة من الكتلة.

أما وداخل كل منطقة فقد تمت إضافة محتوى إضافي على التصميم، فعلى سبيل المثال تم إلحاق حاضنة الأعمال إلى المرافق التعليمية والتجارية في المنطقة التجارية التي تقع على تقاطع هاتين المنطقتين، في الوقت الذي يمهد فيه ممر المشاة إلى مراكز البحوث ومركز الترويج للعلوم الذي يقع في موقعٍ متعامد مع المباني الأخرى، لتسليط الضوء على المدخل وأهمية هذا الجزء من الكتلة، أما مناطق التعليم الخاصة بالطلاب فقد تم فصلها عن بقية الكتلة لخلق بيئاتٍ أكثر خصوصية.

ونأتي على تفاصيل مركز الترويج للعلوم، الذي تتقاطع فيه حقبتين من الزمن؛ فما بين وظيفته الحديثة وبيئته القديمة، كان على هندسته المعمارية أن تستثير وتحاكي في الوقت نفسه مستخدميها، فقد كان لابد من تغيير مفهوم مساحات العرض التي تشكلت خلال فترة إنشاء بلغراد الجديدة، حيث ظهرت هذه المساحات على شكل قاعاتٍ كبيرة فسيحة تركز فقط على المعرض وحده دون الاكتراث لقضية تواصل المستخدم مع المعروضات.

باستثناء بعض المحاولات التي قامت بخلق مساحاتٍ شخصية متعددة حيث يمكن للفنان أن يختلي بنفسه ويأخذ وقته بالتفكير بعمله، وبمرور الوقت اتخذت المعارض شكلاً آخر مع تغير المفاهيم المعمارية، حيث أصبح المستخدم الآن شريكاً أساسياً وبدونه لا وجود للمعرض.

إذ تم تشكيل المساحة الرئيسة في هذا المركز بواسطة ألواحٍ متداخلة ومسطحة تمت إعادتها إلى الوراء من جهة الواجهة بحيث يمكن رؤيتها من جميع الطوابق والزوايا، كما وتم التركيز على تأمين الحركة المستمرة في كافة أنحاء المركز، وهو ما انعكست آثاره على كافة أجزاء المركز وحتى على منحدر الوصول وغرفة الاجتماعات، اللذين باتا يطلان على كامل المساحة.

أما الطابق العلوي من المبنى فقد تم تصميمه أيضاً وفقاً لمتطلبات التصميم، حيث نراه مضغوطاً ويحوي العديد من المناطق المظلمة التي تستجيب لمختلف أنواع المعارض، بينما يوجد في الأرضية عدة ثقوبٍ يمكنك أن تشاهد من خلالها المشهد إلى الأسفل على نحوٍ مختلف، بينما تقوم واجهة المبنى بالكشف عما يجري في الداخل من خلال عدسات فريسنل الذكية المثبتة على ثلاثة جوانب من المبنى؛ حيث تسمح هذه العدسات برؤية صورة مكبرة عن المساحة الداخلية وبالتالي إعطاء الزائر تصوراً مختلفاً عن مركز الترويج للعلوم.

وأخيراً تم تقسيم المبنى بأكمله إلى أجزاء على نحوٍ يتماشى واحتياجات المساحة، فعلى سبيل المثال؛ تم خفض مستوى الطابق الأرضي خمسة أمتار عن محيطها بالإضافة إلى المدخل الرئيسي داخل الكتلة، الذي تم رفده بمدرجٍ كبير وبمجموعة من الممرات المنزلقة والسلالم والتراسات.

أما مدخل المرآب فقد تم تصميمه على شكل قاعةٍ مركزية لإعطاء الزوار انطباعاً فريداً عند دخول المبنى، في الوقت الذي يدخل فيه الموظفين إلى المبنى مباشرة من الجزء الخلفي المفصول عن منطقة الزوار بمساحة فريدة، تكشف عن نقطة استعلامات لخدمة الزوار ومكتبٍ للحجز والإسعافات الأولية، وتعتبر أهم ميزة في هذه القاعة ألواح المعرض والقبة السماوية على شكل مجموعة من النقاط.

كما تم إقحام مدرج آخر داخل المبنى وإعطاؤه أفضل إطلالة على القاعة بأكملها، ولكن عند الحاجة تم تأمين ستارة لفصله عن بقية أجزاء المركز، مما يضفي مزيداً من الخصوصية على المساحة ويحولها إلى ما يشبه قاعةً للمؤتمرات.

بينما يضم اللوح العلوي مساحة المعرض المظلمة ومطعماً، مرتكزاً على ثلاث مجموعات من ثلاثة أعمدة أساسية ونواةٍ إسمنتية، كما ويحظى بواجهةٍ من فولاذ كورتين ونوافذ ضيقة لها طبقة خاصة من كورتين المثقب للحفاظ على صلابة اللوح دائماً وأبداً.

يُذكر في النهاية أن الحكومة في صربيا رقد صدت أكثر من 15 مليون يورو وخمسمئة ألف لبناء هذا المركز الفريد.

إقرأ ايضًا