استديو للكتابة في إحدى تلال هوليوود

8

هل كان المخرج المبدع ديفيد كويب ليختار هذا المنزل لو رآه قبل تصويره لفيلم “النافذة السرية” أو Secret Window؟ وهل كان جوني ديب ليتفوق بأدائه التمثيلي بشكلٍ أكبر لو أنه لعب دوره بين جدران هذه التحفة المعمارية وأمام نوافذها؟

ففي شمال هوليوود في الولايات المتحدة الأمريكية ولصالح إحدى الكاتبات، صمم استديو كيسي هيوز المعماري الأمريكي هذا المنزل الذي تتراجع عن واجهة كتلته المستطيلية إحدى الشرفات، وتصطف العوارض الضيقة المصنوعة من خشب الأرز الأحمر على كامل طابقيه.

وتعود خصوصية استخدام هذا النوع من الخشب لإمكانية تغييره للونه مع مرور الوقت وتعرضه للصدأ، حيث يتحول إلى لونٍ رماديٍّ فاتح في الوقت الذي تكتسي فيه جدران المنزل الداخلية بالكامل بصفائح من الخشب المعاكس.

أما إلى جانب تلك الشرفة المحمية، فيقع الحمام الشفاف المطوّق بزجاج معالج بالحمض، ليؤدي بالقاطنين فيما بعد إلى غرفة الجلوس الموجودة في الطابق الأول ذي الخطة المفتوحة، في الوقت الذي يشغل الطابق الأرضي المطبخ وغرفة معيشة أخرى وحمامين آخرين.

ومايلي من المعلومات فهي من المعماريين أنفسهم:

تم تصميم استديو الكتابة لامرأة تقطن بمفردها، لذا تمثلت نيّتنا الأولى في خلق مبنى يؤمن الانغلاق والأمان لصاحبته، ويظل في نفس الوقت مفتوحاً على الخارج بعيداً عن الانعزال والانطواء على نفسه. وقد تم التوصل جزئياً لهذا الهدف عن طريق نحت ردهةٍ في الواجهة الشمالية، تملأ الاستديو بالضوء الطبيعي مقدمةً الخصوصية اللازمة بعيداً عن أعين الجيران في نفس الوقت.

كما تؤكد طريقة معالجة الجسد الخارجي للمبنى بشكلٍ أكبر على ذلك التناقض، وذلك عبر استخدام مصدات من الأرز الأحمر، تشكّل طبقةً صلبةً تحمي المبنى من كافة الجهات وتغرقه بالضوء والشفافية في الوقت ذاته.

المصدات الشمسية:

تم إكساء الكتلة بصفائح تحمي كسوة المبنى، تفصل ما بينها مسافات بمقدار أربعة إنشات تقدم المزيد من الشفافية لجسد المبنى الخارجي، وتساهم في لعبة الضوء والظلال التي تضفي المزيد من الحيوية على الواجهة، وتزيد من نعومة كتلة الاستديو.

بالنسبة لتأثير الضوء الداخل عبر هذه المصدات فهو مشابه للضوء المتسلل عبر أغصان والأشجار المنتصبة خلف الاستديو، الأمر الذي يخلق علاقة حميميةً بين المبنى وما يحيط به.

الخشب:

لم تتم معالجة خشب الأرز الأحمر المستخدم في الواجهة، وذلك بهدف التقليل من عمليات الصيانة وللسماح لطبقات الصدأ ذات اللون الفضي بالتراكم عليه لإضفاء المزيد من النعومة على هيئة المبنى الخارجية، مما يساهم في ربط المبنى بشكلٍ أكبر مع العناصر الطبيعية المحيطة به.

أما عن الجدران الداخلية للمنزل، فقد تم إكساؤها بصفائح من الخشب المعاكس بأبعاد 2×8 قدم، معالجة بخليطٍ من شمع النحل وزيت بذر الكتان، وذلك طبعاً لإعطاء هذه العناصر أسطحاً طبيعيةً تدوم لفترةٍ طويلة من الوقت. والجدير بالإشارة هنا إلى أنه قد تم تصميم هذه الجدران بحيث تضفي دفئاً خاصاً على المساحات الداخلية، حيث يصب عليها الضوء الطبيعي المتسلل من الخارج وهجاً مهدئاً للأعصاب.

أما بمقارنة هذه الكسوة الداخلية مع السقف وجدار الدرج الأبيضين، فنلاحظ أن اختلاف المظهر بينهما يقدم مظهراً نظيفاً ومحدداً للمساحة بأكملها.

الإضاءة:

تم وضع معظم نوافذ المنزل على الواجهة الأمامية، مما يساهم في التقاط الضوء الشمالي الناعم، فإذا ما تفحصنا كتلة المنزل لا يمكننا إلا أن نندهش بتلك النافذة البانورامية التي تطوق زاوية الواجهة الشمالية عاكسةً أفقية الحي. إذ تم تصميم هذه النافذة لتؤطر مجموعةً من أشجار النخيل الضخمة المميزة، التي تجسد منطقة جنوبي كاليفورنيا بكل ما للكلمة من معنى.

فبالوقوف عند هذه النوافذ، يشعر الرائي نفسه وكأنه في برج مراقبة يمكّنه من تفحّص المناظر الطبيعية الخلابة المحيطة.

أما بالنسبة للشرفة المطوقة بالزجاج، فقد تم اقتطاعها من الجهة الشمالية للمبنى لتعمل بمثابة منورٍ للضوء يملأ المساحة بالنور، ولكن يحفاظ في الوقت عينه على الخصوصية من جهة الشرق، وقد تمت تغطية هذه الشرفة بتعريشةٍ من خشب الأرز الأحمر التي تخفف من الضوء المتسلل للداخل خالقةً ظلالاً مبهجة تتعقب حركة الشمس على طول ساعات النهار.

ولم تتوقف عوامل الإنارة على النوافذ والشرفة وحسب؛ وإنما تعدتها لأربعةٍ من الملاقف تم توزيعها في صفٍ فوق بيت الدرج، ليكون من شأنها إدخال الضوء الطبيعي المتسلل من بين الأشجار في الناحية الخلفية من الموقع، ليدخل إلى استديو الكاتبة في الجهة الجنوبية ومن بعدها عميقاً إلى الطابق الأول.

التحكم بالمناخ:

لقد تم تصميم نافذة عمودية طويلة على الواجهة الخلفية من الاستديو لتؤطر منظر جذوع الأشجار المنتصبة خلف الاستديو، ولتلتقط النسيم العليل القادم من الجدول المنساب خلف العقار. حيث يتم سحب الهواء اللطيف نحو الاستديو ليخرج فيما بعد من النوافذ الكبيرة المتوضعة في الجهة الأمامية منه، مما يمكّن العميل من الاستغناء تماماً عن تكييف الهواء اصطناعياً، باستثناء الأيام الحارة للغاية عندما تصل درجات الحرارة في الخارج نحو 38 درجة مئوية.

أما عن المصدات الخشبية الخارجية فلم يتم تصميمها لتظلل المبنى وحسب؛ وإنما لتسمح للهواء بالانسياب بين شفراتها من جهة وبين كسوة المبنى من جهةٍ أخرى، مما يساعد على المحافظة على درجات حرارة داخلية ثابتة طوال الوقت.

الفانوس:

لقد تم تطويق غرفة الحمام (W.C) في الجانب الشرقي من الشرفة بالزجاج المعالج بالحمض من جهتين، كما تم تجهيز جدارها الخلفي بأضواء مخفية تمتد على طوله، مما يجعل المكان يتوهج ليلاً كفانوس منير يملأ المساحات حوله بضوء ناعم منتشر.

إقرأ ايضًا