طينة التراكوتا تطوق المتحف القومي للتاريخ اليهودي الأمريكي

8

حاله كحال جميع المتاحف اليهودية، تأسس المتحف القومي للتاريخ اليهودي الأمريكي في فيلادلفيا عام 1976 لتوثيق تاريخ الجماعة اليهودية في الولايات المتحدة ولعرض إسهامات أعضائها ودورهم في الحياة والحضارة الأمريكية، ولكن معماريي Ennead حاولوا الابتعاد ما أمكن عن تصور هوية يهودية عالمية كالمتحف اليهودي في نيويورك مثلاً خلال أعمال التجديد التي طالت المتحف العام الماضي.

يتربع المتحف القومي للتاريخ اليهودي الأمريكي اليوم على مساحة 100 ألف قدم تربيعي في وسط مدينة فيلادلفيا، مدينة الحب الأخوي حسب الترجمة الإغريقية لاسم فيلادلفيا، ويطل على العديد من المعالم التاريخية في المدينة مثل قاعة الاستقلال وجرس الحرية بطوابقه الخمسة وكسوته الفريدة من الزجاج وطين التراكوتا، كما ويعلو رأس المتحف منارة من الضوء كرمزٍ للأجواء الوطنية والدينية في الداخل.

ويضم المتحف على مساحةٍ تتجاوز 25 ألف قدم مربع مساحةً للمعارض ومسرحاً يتسع لمئتي شخص، كما ويتميز بوجود ردهة ترتفع حتى 85 قدم، ولكن تبقى الكسوة الخارجية للمتحف النقطة الأبرز في التصميم، حيث يبدو المبنى من الخارج أقرب إلى مركزٍ ثقافي منه إلى متحف، فقد تم دمج المواد الطبيعية في تصميم الواجهات عالية الأداء، فما بين الجدار المستعار الزجاجي وما بين طين التراكوتا، فرض معماريو Ennead أجواءً غاية في البساطة والتعقيد في آنٍ واحد.

حيث تم إكساء المبنى بطبقة من طين التراكوتا بطريقةٍ جد مبتكرة، لتبدو وكأنها قد انبثقت عن الجدار المستعار الزجاجي، في المقابل كان لابد من التخفيف من وطأة طبقة التراكوتا هذه، إذ أنها تمتد على 15 ألف قدم تربيعي، بالتركيز على الحواف المستديرة بدلاً من الزوايا الحادة، حتى باتت هذه الطبقة أشبه برغيفٍ فرنسي منحني ومدمج مع بقية أجزاء التصميم مروحية الشكل.

وقد تم اختيار أفضل أنواع التراكوتا لتنفيذ كسوة المتحف من شركة Shildan، التي قامت بتطوير تركيبة خاصة لتظليل النوافذ وتطويق المتحف بحاجزٍ من الخصوصية، وبالفعل لقد نجحت كسوة التراكوتا هذه برفد المتحف بطابعٍ مميز عن الأبنية القرميدية المحيطة دون أن يبدو دخيلاً على السياق المعماري الذي تمتاز به فيلادلفيا.

حيث تم طلاؤها بلونٍ أحمر لتندمج بكل سلاسة مع المشهد القرميدي، بينما نجح الجدار المستعار الزجاجي أن يعكس الشفافية والانفتاح ما بين المتحف والزوار، فعند زيارتك للمتحف يمكنك أن تقف بين كتلة التراكوتا والجدار الزجاجي وأن تستمتع برؤية بانورامية لبعض أهم المباني في التاريخ الأمريكي. من جهةٍ أخرى توفر كسوة المبنى فوائد إضافية مثالية للحفاظ على القطع الأثرية ناهيك عن خلق مساحةٍ عامة ذات طاقة فعالة، فلطالما أثبتت طينة Shildan قدرتها على تطويق أي مبنىً كان بنظام تهويةٍ وتظليل صديق للبيئة، وهاهي اليوم تجعل من مبنى المتحف القومي للتاريخ اليهودي الأمريكي مرشحاً قوياً لمنافسة كبرى المباني الخضراء.

لطالما استخدمت الأبنية في أمريكا الجداران الاحتياطية الحجرية أو تلك الفولاذية ذات الكسوة الزجاجية، حيث يتم ربط النظام المعدني الداعم مع الكتلة الثانوية ومن ثم يتم طلي هذا النظام، أما ولمنع الهواء والماء من دخول المبنى، يتم حشو الكسوة الخارجية بموانع للتسرب، ولكن المشكلة هي أن الرياح العاتية ومعدات التكييف والتهوية يمكن أن تخلق ضغطاً بين الجدار الخارجي والداخلي.

أما مع طينة تراكوتا فالأمر مختلف تماماً، حيث بإمكانها أن تمتص الماء في تجويف الجدار عند نزول المطر أو في حال أصابت المبنى رطوبة، وهو ما لا تستطيع أن تفعله الجدران التقليدية التي تعرف بأنها صيدٌ سهل المنال بالنسبة للرطوبة والعفن.

إقرأ ايضًا