ليبزكند يعد عدته لافتتاح متحف التاريخ العسكري

2

كثُرت مؤخراً تنقلات المعماري الشهير أمريكي الجنسية دانيال ليبزكند من متحف إلى متحف؛ فمن المتحف اليهودي في برلين مروراً بمتحف فيكتوريا آند آلبرت في لندن وصولاً إلى متحف التاريخ العسكري في درسدن…

فقد طلبت إدارة الأخير من ليبزكند أن يعد عدته تجديد المتحف القديم على هامش افتتاح المتحف في الرابع عشر من شهر تشرين الأول الجاري بعد إغلاق دام 22 عاماً.

ويعتبر الوتد مثلثي الشكل الممتد على خمسة طوابق أهم ملامح هذا التجديد، إذ يخدم هذا الوتد بمثابة توسعة لصالات العرض الموجودة في متحف التاريخ العسكري، مما يجعله -أي المتحف- أكبر متحف في ألمانيا.

ولكن وتد ليبزكند هذا ليس بمجرد توسعة تقليدية، حيث يشير رأسه المستدق البارز نحو جهة الشرق؛ التي مثّلت في يومٍ من الأيام مصدر القنابل الموجهة نحو المدينة خلال الحرب، في حين تكشف منصة مراقبة متربعة على السقف بارتفاع 30 متراً عن إطلالة ولا أروع نحو أفق المدينة الحديث في الغرب.

لم يكن في نية ليبزكند الحفاظ على واجهة المتحف وإضافة مجرد امتداد غير مرئي إلى الخلف، لقد أراد خلق انقطاع جريء… فاصل أساسي يخترق جسد المتحف التاريخي، يمكّن العامة -والكلام لليبزكند- من اختبار مشاعر العنف المرتبطة بالتاريخ العسكري ومصير المدينة.

وبمجرد الانتهاء من تجديد متحف دريسدن للتاريخ العسكري سوف يخدم بمثابة المتحف المركزي الرسمي للقوات المسلحة الألمانية، وأكبر متحف في ألمانيا على مساحة تتجاوز 21 ألف قدم مربع!

فمنذ تأسيسه في عام 1897، خدم متحف دريسدن للتاريخ العسكري مرة متحفاً للسكسونية ومرة متحفاً للنازية قبل أن يصبح متحفاً للشيوعية ويستقر أخيراً كمتحفٍ لألمانيا الشرقية، وهاهو اليوم يتحول إلى متحف لألمانيا… ولكن ألمانيا الموحدة والديمقراطية، وذلك بعد أن أنقذه موقعه خارج المركز التاريخي لمدينة دريسدن من حملة قصف الحلفاء في نهاية الحرب العالمية الثانية.

وبالعودة قليلاً في الزمن، تجدر بنا الإشارة إلى أن متحف دريسدن قد أُغلق على إثر قرار حكومي في عام 1989، فلم تكن الحكومة متأكدة فيما إذا كان المتحف يصلح في الدولة الألمانية الموحدة حديثاً، ولكن هذا الموقف انقلب بحلول عام 2001 وشرعت الحكومة الألمانية بتنظيم مسابقة معمارية لتوسعة المتحف التي من شأنها جعل العامة يعيدون النظر في طريقة التفكير بالحرب.

وقد نجح دانيال ليبزكيند في تقديم تصميمٍ لا يقل جرأة عن تصميم المبنى الأصلي، حيث قام بحشر وتد من خمسة طوابق في كتلة المتحف القديمة، ويبلغ وزن هذا الوتد، وهو عبارة عن مزيج غريب من الزجاج والإسمنت والفولاذ، 140 طن، ومن ثم قام بتضمين منصة بارتفاع 98 قدم أعلى السطح لتوفير إطلالة خلابة على مدينة دريسدن الحديثة، في حين تشير الكتلة الظفرية في الاتجاه المعاكس إلى اتجاه مصدر إطلاق القنابل…

وعلى الرغم من تناقض الواجهة الجديدة المفتوحة والشفافة مع التعتيم والصلابة في المبنى الأصلي، نجح ليبزكند بجعل ذاك الأخير يتفاعل مع التوسعة الجديدة على نحو ديناميكي، وكأن دريسدن قد قامت من بين الرماد، حسبما ورد عن ليبزكيند.

فالأحداث التي جرت في الماضي لم تكن مجرد حاشية، بل كانت محورية في عملية التغيير.

إقرأ ايضًا