الطبيعة أمّ العلاج في مشفى فيونا ستانلي الأسترالية

10

في سابقةٍ طبية… قامت ثلاث شركات معمارية هي HASSELL و STH و Hames Sharley بتصميم منشأةٍ طبية في مدينة بيرث، عاصمة ولاية أستراليا الغربية، لا تشبه أياً من المشافي التي زرتها من قبل، إذ تبدو في تصميمها أقرب إلى حديقة منها إلى مشفى، فكيف لا وبيرث إحدى أكثر مدن أستراليا جاذبية بفضل ما تملكه من مناطق خضراء تتراوح بين الغابات الأصلية والحدائق الجميلة… من مدينة سوان إلى صخرة ويف روك وصولاً إلى منتجع مونكي ميا، حيث يمكنكم السباحة مع الدلافين.

من عمق هذه الأجواء الطبيعية ظهرت مشفى Fiona Stanley لتخبرنا قصة أخرى عن بيرث ولكن على الطريقة المعمارية، فقد نجح تصميم المشفى بأن يعكس الغطاء النباتي الكثيف الذي يغطي تضاريس المدينة، فعندما ننظر إلى المنصة على سبيل المثال، وهي إحدى أجزاء التصميم الرئيسة، سوف نشعر للوهلة الأولى بأنها تتصل وتضاريس بيرث متفاوتة الارتفاعات، فتارةً تكون منخفضة وتارةً مرتفعة.

أما الأعمدة الإسمنتية المكشوفة التي تخدم في تظليل المبنى فتأخذنا إلى أجواء الغابات في العاصمة الأسترالية، حيث الشجيرات الكثيفة والنباتات المحلية تغمر المكان بالتظليل والرطوبة، على نحوٍ مشابه، تقوم تلك الأعمدة بربط الفتحات الزجاجية مع الكسوة الصلبة، الأمر الذي يسهم في تظليل المساحات الداخلية والحد من أشعة الشمس المباشرة.

وبالحديث عن الربط، نصل إلى الساحة المركزية، حيث تقوم تلك الأخيرة بربط كافة المرافق الرئيسة وتوفير الوصول عبر المصاعد إلى أجنحة المشفى، ويسترعينا هنا تخريق السقف بفتحاتٍ لترشيح الضوء إلى المساحات، فعند تواجدك في هذه الساحة سوف تشعر بأنك تجلس في ظل شجرة.

بينما سوف تأخذك واجهات الأجنحة بأشكالها المسننة إلى أشكال زهور البانكسيا، حيث تم تكرار المخطط ذاته على أسطح الواجهات، وهو عبارة مجموعة من الخطوط تتقاطع فيما بينها على شكل ماسة، وتبرز عن هذه الخطوط أسطحٌ زجاجية تشبه إلى حدٍ بعيد براعم البذور المتفتحة تقوم بتظليل غرف النوم من ورائها.

ولكن ما الفائدة وراء إقحام كل تلك العناصر الطبيعية في تصميم منشأةٍ طبية كهذه؟

لقد فسحت تلك العناصر المجال أمام فريق العمل لاكتشاف مفاهيم مبتكرة، ناهيك عن تعزيز التفاعل بين أجزاء التصميم من مساحات وألوان وإضاءة وصولاً إلى البيئة الخارجية، كله عزيمة لتحقيق تجربة إيجابية للمرضى وأسرهم بالإضافة إلى الموظفين والزوار وذلك بهدف تحسين النتائج السريرية.

فعلى سبيل المثال تخللت طوابق المشفى شبكة من الساحات الخضراء والممرات المفتوحة في محاولةٍ لتأمين أكبر قدر من الإطلالة على المساحات الطبيعية وتشجيع كفاءة الموظفين من خلال خلق بيئة تشجع على العمل التعاوني والمرونة والكفاءة والإنتاجية.

وكنتيجة لذلك تم التخفيف من حجم البناء، مما أدى إلى الحفاظ على الغطاء النباتي والحيواني، فلم تكن القضية مجرد تصوير الطبيعية بأدق تفاصيلها، بقدر ما كانت تأمين توازن بيئي في البيئة العمرانية والإبقاء على مساحات شاسعة من الأدغال الطبيعية، فقد تم إنقاذ الأشجار الناضجة والبذور قبيل الشروع بأعمال البناء، بشرط أن تعاد للموقع وتساهم في خلق بيئة طبيعية.

وأخيراً قام فريق العمل بضخ العديد من مساحات التجمع غير الرسمية والساحات الطبيعية الطبيعية والحدائق على السقف وما بين مباني المشفى، مما ساهم بتعزيز عناصر التصميم المستدامة، عدا عن إضفاء هوية خاصة للمشفى.

إقرأ ايضًا