زورق نيلي مرصع بالزخارف أم مبنىً جامعي؟

7

على نحوٍ غير مسبوق، نجح فريق Neutelings Riedijk بتجميع تفاصيل قطاع النقل البحري والخدمات اللوجستية معاً في كلية الشحن والنقل البحري في روتردام فضلاً عن مختلف الأقسام التعليمية والاستشارية، وذلك بالاستفادة من وقوع هذا المبنى الجديد على الزاوية الرائعة على ميناء Lloydpier السابق المطل مباشرةً على نهر ماس.

فقد كانت النية خلق مبنىً رمزي يحاكي وظيفة الكلية ويشير إلى عمارة الميناء بوحيٍ من أجواء الصوامع والرافعات والسفن البحرية بدلاً من أن يبدو مجرد مبنىً جامعي، ويظهر ذلك جلياً بالنظر إلى شكله المتعرج القوي، حيث تنبثق كتلةً ما من المنصة وما تلبثت أن تتناقص تدريجياً بشكلٍ تصاعدي لتكشف عن برجٍ فارع الطول -قرابة 70 متر- مقارنةً بالمنصة الأفقية.

مرةً أخرى يمتد هذا البرج ولكن بالعرض، لتبرز على امتداد 20 متراً نافذة كبيرة مطلة على النهر، وكأنها منظارٌ عملاق سوف تسمح هذه النافذة لمن يجلس في قاعة الاستماع -حوالي 300 شخص- بالاستمتاع بالإطلالة المباشرة على بحر الشمال، أما الطوابق السفلية في منصة المبنى، فتقدم للطلاب مجموعة من الوظائف الخاصة والجماعية والتعليمية، مثل المطاعم والقاعة المركزية والصالة إلى جانب مركز للألعاب الرياضية وغرف المحاكاة الافتراضية ومركز خاص بالوثائق وأخيراً وليس آخراً ورشات للتعليم العملي، حيث تم تخصيص مكتبة ومقهى في جانب الساحة لتعزيز الحياة العامة في هذه المنطقة من المدينة.

وبذلك استطاعت الكلية أن تهرب من فخ النمطية وحولت المبنى الجامعي إلى آخر أفقي، فبدلاً من رصف الصفوف على جانبي الممر الواسع، كما اعتدنا أن نرى في معظم الجامعات، فإنها هنا -أي الصفوف- تقع واحدة تلو الأخرى، ترتبط فيما بينها عن طريق السلالم المتحركة، لتسمح هذه السلالم بمزيدٍ من التفاعل ما بين الطلاب، حيث سيكون بمقدور حوالي ألفي طالب الانتقال من طابقٍ لآخر بغضون عشرة دقائق، كما وتم تأمين العديد من المساحات المفتوحة في جميع أنحاء المبنى، ليجتمع الطلاب ببعضهم البعض، بمعزلٍ عن الإدارة، فقد تم تخصيص طابقين علويين لتضم مكاتب الجامعة الإدارية والعديد من الشركات الاستشارية البحرية.

ومع ذلك لم تكن النية عزل الطالب عما يجري في الخارج، بل العكس ارتأت إدارة الجامعة تأمين ما يلزم لتعزيز التفاعل بين الطلاب، فعدا عن وجود المطاعم والصالات الرياضية وما إلى ذلك، عمد فريق Neutelings Riedijk لتحويل المبنى إلى وجهةٍ للاسترخاء، كما تلك الفنادق التي يقصدها البحارة عادةً، وأكثر من ذلك، إلى زورقٍ نيلي مرصع بالزخارف ليبدو المبنى أقرب إلى منزلٍ من منازل روتردام منه إلى مبنىً جامعي.

وبذلك عوضت الكسوة الخارجية التفاصيل المعمارية الحيادية في الصفوف الدراسية والممرات الداخلية، التي لا تسعى إلى جذب الانتباه أو نقل الطلاب إلى أجواءٍ بعيدة كما يحدث في الخارج، فليس أمام طلاب الجامعة سوى المصاعد، التي سوف تتخذ على عاتقها إنقاذ هؤلاء والتنقل بهم من مشهدٍ إلى آخر، كما لو كانوا في غواصة خانقة متماوجة ترتفع صعوداً في طريقها من قلب البرج.

إقرأ ايضًا