أذواق مغتربي الشرق الأوسط على واجهة مكتبة أسترالية

3

ينشد المعماريون عامةً إرضاء رغبات مستخدمي مبانيهم، ولتحقيق ذلك في مكتبة ومركز أفونديلهايتس التعليمي في ملبورن، أستراليا، ارتأى معماريو H2o الاعتماد بشكلٍ كامل على المستخدمين في اختيار الألوان المشرقة والألواح المزركشة التي تغطي جسد المركز الخارجي!

حيث اختارت مجموعات مختلفة من أفراد المجتمع المحلي ما ستكون عليه هيئة المركز، والجدير بالذكر هنا أن العديد منهم كانوا من الشرق الأوسط.

يأتي هذا المشروع ضمن حملة تجديد الصالة الرياضية الموجودة أصلاً في الموقع وإضافة مبنىً جديد من شأنه احتضان مكتبة ومركز تعليمي؛ إذ يتضمن الجزء الكبير من الكتلة قسم المكتبة، في الوقت الذي تحتضن فيه الكتلة المجاورة الأكثر كثافة غرفاً للدراسة وبهواً.

*الشكل:

يمكن تعريف شكل المشروع بكتلتين توأميتين متحدتين مع بعضهما البعض، واحدة مرتفعة ومخصصة لمساحة المكتبة الكبيرة؛ وأخرى منخفضة، تتضمن غرفاً أسطوانية وبهواً.

يحيط بالمبنى الجديد مصف سيارات مجاور ومناظر طبيعية، وهو مرتبطٌ بشكلٍ وثيق مع الصالة الرياضية المجددة.

*الاستدامة:

تم تصور المبنى ليكون ذا استهلاك منخفضٍ من الطاقة، معتمداً على التهوية الطبيعية والتدفئة والتبريد الفعّالين، بالاعتماد على مواد البناء المناسبة وبانبعاثات غازية منخفضة للغاية أو بالأحرى شبه معدومة.

أما عن السقف المسنن كالمنشار، فمن شأنه السماح لأكبر كمية ممكنة من الضوء الطبيعي الجنوبي بالدخول للمبنى، دون أن تتعرض المكتبة لأي اختراقٍ شمسيٍّ.

*العلاقة مع الجوار:

يتمتع المبنى بفرصة الوقوع في موقعٍ عامٍ مفتوحٍ للغاية، حيث يقع قبالة مطعم مك دونالدز الشهير على الطريق المؤدي إلى شريط التسوق المحلي، الذي يتألق بدوره بأرتالٍ من الكراجات الملونة بأبهى الألوان.

أما عن التقاطع الطرقي المجاور له، فهو تقاطعٌ ذو كثافة مروريةٍ عالية للغاية.

بناءً عليه يأتي تصميم المركز ليعكس حياً متنوعاً للغاية، محاولاً تذكير القاطنين -وهم على الغالب سكاناً مهاجرين-بالتماثيل الأنغلو سكسونية غير القياسية.

*الخصائص الاجتماعية:

لقد تطور نوع هذا المبنى الخاص بطريقةٍ غير اعتيادية على الإطلاق؛ إذ بدأت فكرة المشروع أساساً بتصميم مركز اجتماعي يتألف من عنصرين أساسيين -قاعة مسطحة متعددة الأغراض تتسع لمئتي شخص ويمكن تأجيرها لأفراد المجتمع المحلي، إلى جانب مناطق خاصة بطاقم العمل وبهو ومرافق أخرى وغرف دراسية لاسلكية.

لكن في منتصف مراحل العمل وبداية العمليات الإنشائية تغيرت الخطة، وتحول المشروع إلى مشروع مكتبة اجتماعية، وهكذا تم تعديل الإجراءات، حيث حافظت مساحات الدعم على الوظائف ذاتها، وتم تحويل غرفة دراسية واحدة إلى مختبر للحاسوب، في الوقت الذي أصبحت فيه المساحة المرتفعة المنارة طبيعياً بالضوء الجنوبي، منطقةً خاصةً بالقراءة والمراجع.

*التميّز:

قرر المصممون تلوين مشروعهم بألوان مشرقة للغاية تشكّل الكسوة الأساسية للمبنى، في الوقت الذي تتم فيه تغطية الجدار الخلفي ببلاطات سيراميكية وخشبية وفولاذ مطلي وزجاجً مخرمش، بحيث تعكس كافة هذه المواد والألوان الحيوية خيارات المستخدمين الذين كانوا بمجملهم سكاناً من الشرق الأوسط.

*الإبداع:

تم اختيار الألوان والمواد بوحيٍ من نماذج من الكتل الخشبية المنتشرة في الأبنية المحلية، لكن تميّز المبنى وإبداعه يكمنان في إعادة فهم وتفسير هذه الألوان المتوهجة والحقائق المبالغ بها التي تعرضها رسومات الفنانين الأستراليين؛ باري همبشاير وهاورد أركلي، في تصويرهما لضاحية “أوز”.

وهكذا في الوقت الذي قد ترعب فيه فكرة الاعتماد على أذواق الناس وتوجهاتهم الفنية الكثير من المعماريين، يبدو أنالنتيجة هنا -ولحسن الحظ-استحقت التجريب ولم تكن سيئةً على الإطلاق.

إقرأ ايضًا