طبيعة الأرض تفرض تصميم إحدى المصانع النمساوية

8

قد تفرض طبيعة الأرض في بعض الأحيان شكل المبنى، وهذا ما يظهر جلياً بالنظر لهذا المصنع في بلدة فايز النمساوية، فمن أربع طوابق وعلى شكل حرف L، ينتشر هذا المبنى متميزاً عن غيره بطول 240 م على طول أرض الموقع، لينتهي إلى الشرق بمخزنٍ مغطى بالكامل تابع لمحطة السكك الحديدية والشاحنات، أما من جهة الغرب فيحد المبنى الطريق السريع الذي يؤمن الوصول المباشر.

في المقابل قام فريق Peter Zinganel برصف مداخل المصنع على طول المحور الممتد على طول المبنى، وبذلك يمكن للزائر الدخول إلى المرفق عبر المدخل الرئيس الجنوبي ليجد نفسه مباشرة في الردهة المرتفعة حتى خمس أمتار والتي تضم قاعة للاستقبال وحانة، أما بجوار هذه المنطقة فيوجد هنالك مطعم وقاعة عرض بالإضافة إلى الدرج الرئيس وقاعات الاجتماعات، كما وتوفر هذه الردهة إمكانية الوصول المباشر إلى التراس.

فبمجرد المرور بقاعة الاستقبال يمكن لطاقم العمل الوصول إلى مكاتبهم في الطوابق العليا أو يمكنهم المرور بغرفة تغيير الملابس وصولاً إلى غرفة الإنتاج عند سلوكهم محور المبنى، أما وعند دخول المكاتب فسوف تلاحظ عزيزي القارئ طريقة تصميم هذه المكاتب لتكون مفتوحة بالكامل تصحبها العديد من المناطق المشتركة، جنباً إلى جنب مع المكاتب الفردية الخاصة بالمدراء وغرف الاجتماعات.

وتسترعينا أيضاً الردهة المزدانة بالأشجار بالإضافة إلى المساحات المفتوحة الممتدة على كامل ارتفاع المبنى، حيث تقوم هذه الردهة بجعل الكتلة مفتوحة أكثر، في الوقت الذي تؤمن فيه المسافات المطلوبة لجعل تخطيط المكاتب أكثر مرونة من المعتاد، في المقابل تظلل الأشرعة المرصوفة على الواجهتين الغربية والجنوبية المبنى وتحميه من أشعة الشمس.

أما وحيثما يلتقي المصنع والمناطق المكتبية، فإن النوافذ الممتدة على كامل الطوابق تقوم برفد الرائي بإطلالة حية على نشاطات الإنتاج الجارية، فقد تم تشكيل المقطع الرأسي لمنطقة الإنتاج مع الأخذ بعين الاعتبار أن تكون مضاءة بشكلٍ طبيعيٍّ قدر الإمكان، ولذا نلاحظ وجود صفٍ من النوافذ يحدد واجهتي المبنى.

كما وسمح خفض مستوى اثنين من الممرات العميقة بدخول ضوء النهار إلى قلب المبنى عن طريق صفين من النوافذ الإضافية، ناهيك عن إقحام القباب في سقف المبنى، الذي سمح بدوره بتعزيز هذا الضوء في الداخل، ولكن ذلك لم يلغ دور الإضاءة الاصطناعية، حيث نلاحظ وجود نظامٍ مبتكر لإضاءة السقف للمساعدة بالتحكم باستهلاك الطاقة حسب درجة الضوء الطبيعي، وبذلك استطاع فريق Peter Zinganel الحفاظ على استهلاك الطاقة ضمن المعدل المطلوب مع التأكيد على وجود الضوء الطبيعي وطبعاً الإطلالة الساحرة على الخارج.

وبالانتقال إلى الممر الشمالي من المبنى سوف يصادف الزائر اثنتين من المناطق المكتبية الإضافية، فقد تم تصميم المبنى على نحوٍ يسمح فيه للرافعات بأن ترفع قرابة 80 طن وتدخل كافة الممرات مع إمكانية التخلص من كافة التركيبات الدائمة، ليتم فيما بعد نقل الحمولة عبر دعاماتٍ إسمنتية مدعمة بالفولاذ إلى الأساسات، في الوقت الذي تمتد فيه منطقة الإنتاج إلى الخلف من كتلة المكاتب والمعروفة باسم “الالتفافة” لتصبح على تماسٍ مباشر مع الجهة الغربية من المبنى، لتستفيد ما أمكن الواجهات المثقبة في إضاءة مناطق التجميع اليدوي.

ونأتي على منطقة الآلات فنلاحظ بأنها عبارة عن كتلة وحيدة مفردة مكسوة باللون البرتقالي ومصنوعة من الإسمنت، تفتقر إلى وجود النوافذ والمكاتب… ومازلنا في الخارج، حيث نلاحظ هنا تجمع أبرز مكونات التصميم، فعلى سبيل المثال يوجد هنالك بركة كبيرة في منطقة المدخل، الواقعة بين المطعم والطريق، بالإضافة إلى وجود مرآبٍ خاص بسيارات الموظفين، ومناطق خاصة بالآليات، فضلاً عن وجود ممر وصولٍ يحيط بالموقع، وخزان مياهٍ أرضي والعديد من المظلات، والتي من شأنها استغلال كامل المساحة حتى آخر قطرة.

إقرأ ايضًا