الحمام المقسوم

8

تماماً مثلما يوحي اسمه… إنه عبارة عن مرفق استحمام عامٍ في إقليم جانسو الصيني مقسوم على مبنيين، واحدٌ للرجال، والآخر للنساء، يربط بينهما مساحة مشتركة أشبه ببيتٍ زجاجي تعتمد في استهلاكها بشكلٍ أساسي على الطاقة الشمسية السلبية.

يمكن لمساحة التجمع “العامة” هذه أن تنفتح تماماً على الجانبين، وأن تتحول إلى منطقة حجب نصف داخلية/نصف خارجية، تسمح للمستخدمين بالتجوال فيها وعبرها والدخول والخروج من المبنى عبر عدة طرقٍ فيها.

وباستخدام جناحي الاستحمام كجدران إنشائية تم بناء مساحات البيت الزجاجي الواسعة بتكلفةٍ متدنية للغاية وباستخدام مواد وتقنيات محلية مئة بالمئة.

بالنسبة للبنائين المتعاكسين بأسقفهما الممتدة من البيت الزجاجي المركزي، فيتضمنان هذان مساحة استحمام ملونة بالأخضر والأصفر ومخصصة للنساء والرجال، تم تنظيم كل واحدةٍ منهما بموازاة سلسلة فيها المدخل حيث يتم خلغ الأحذية ودخول الحمامات، وغرفة تبديل الملابس مع المغاسل ومرافق التبديل، وأخيراً مساحة الاستحمام المتضمنة لاثني عشر دش.

وإن تساءلتم عن كيفية إضاءة مثل هذا المكان، فهي بسيطة للغاية، حيث تم تصميم شريط من النوافذ يساهم في إدخال الضوء الطبيعي إلى المساحات إلى جانب دوره في إدخال الهواء الطبيعي وإخراج البخار المتجمع، فالكتل مفتوحة تماماً وبشكلٍ متعمد عبر تفاصيل بسيطة تضمن سهولة الصيانة والمحافظة على مستوى عالٍ من النظافة العامة في المساحات.

تمثّلت نية فريق BaO في خلق مساحات عامة تطوّق المبان الحميمية للغاية بشكلٍ كامل، والنتيجة كانت أن تم رفع مبنيي الاستحمام على منصة أعلى من مستوى الموقع، الأمر الذي نتج عنه ظهور مقاعد طويلة تحيط بالمبنيين وتمتد على طول جانبي البيت الزجاجي.

أما قرب المدخل الرئيس، فهناك يمتد السقف والمنصة مظللين بذلك مساحةً صغيرةً مخصصة لغسل الملابس وشرب الماء، حيث يحمي السقف الظفري هذه الفسحة من مياه المطر وأشعة الشمس، هذا عدا عن دوره في خلق مساحة التقاءٍ يمكن للنساء والأطفال التمتع بها كيفما شاؤوا.

ولا يمكننا الحديث عن التصميم دون التطرق للواجهات، فهنا تم تصوّرالواجهات كجزءٍ هام وحيوي للغاية، يعبّر عن الطابع العام للمرفق مؤكداً على علاقة مبهجة ومفرحة مع العمارة؛ إذ تمت تغطية الجدران الخالية من النوافذ المحيطة بمبنى الرجال والنساء بألواحٍ سوداء يمكن كتابة بعض المعلومات عليها أو ترك توقيعٍ مرح أو حتى وبكل بساطة يمكن للأطفال الرسم عليه واللعب به.

وهكذا تستمر كسوة المبنى بالتغير والتطور بشكلٍ دائم، هذا عدا عن دورها التفاعلي الهام الذي يسمح للأطفال وأفراد المجتمع بإطلاق العنان لإبداعهم.

لكن الصورة ليست بالجمالية المطلقة التي قد تتخيلونها، إذ وقف المصممون أمام تحدٍّ هام، مفاده افتقار الموقع لأي نظام عام لتزويد المياه أو أنظمة صرف صحي، ومن هنا كان على مبنى الحمام أن يعتمد كلياً على ذاته؛ لذا قام المعماريون بضخ المياه من بئر بعمق ثمانية أمتار، ليتم فيما بعد تخزينها في خزان بسعة عشرين متر مكعب، يزود ألواح الطاقة الشمسية في السقف، التي تؤمن بدورها المياه الساخنة بالمجان على مدى ما لا يقل عن ستة أشهر في السنة، بينما يتم الاعتماد على المراجل لتسخين المياه في باقي الأيام.

وبعد تدفئة المياه واستخدامها في الاستحمام وغسل اليدين، يتم إيصال هذه الكميات من المياه المستخدمة عبر طرق مختلفة إلى سلسلةٍ من أحواض الترشيح، التي تعمل على تنقية المياه بوساطة جذور النباتات، حيث تعالج وتنقي المناطق المزروعة بالخيزران مياه الخزانات، وذلك بوساطة البكتريا التي تعيش في جذورها وتعمل على القضاء على الجراثيم وتنظيف المياه الرمادية قبل أن تجمعها النباتات أو تتم إعادتها إلى الأرض.

وهكذا تحيط بالمبنى مرشحات الخيزران دائرية الشكل، التي تعزز الشعور بالحميمية وتعيد تعريف الموقع الذي كان في يومٍ من الأيام مكاناً جافاً ومغبراً.

بكلمات أخرى، يؤمن هذا “العش الأخضر” مجموعةً من مساحات التجمع والالتقاء التي تحيط بالمبنى مقدمةً مقاعد وملاعب ومناطق مظللة لكافة المستخدمين، ومساهمةً في جعل Split Bathhouse مساحةً مبهجةً للأطفال والمجتمع برمّته.

إقرأ ايضًا