مقر بمنتهى الروعة لشركة تصنيع أوراق الجدران في بروكلين

5

لا تستغرب أبداً إذا ما قال لك أحدهم بأن لأوراق الجدران قدرةً على حث الناس للتعبير عن عواطفهم الكامنة، ومهما بدا هذا الأمر غريباً لن يلغِ ذلك كونه حقيقة واقعة.

فلنأخذ مثلاً Jon Sherman الحاصل على شهادة ماجستير في إدارة أعمال، ففي عام 2003 كان يعمل في مشروع تطوري عقاري في نيوأورلينز، ومن ثم قد خطر له أن فكرة إدارة شركة مختصة بإنتاج أوراق جدران يمكن أن تقدم الرابط الذي لطالما سعى وراءه بين أفكاره اليسارية واليمينية، قائلاً: اعتقدت أنني لو قمت بتحديث الألوان والنماذج، يمكن أن يكون هذا شيئاً مختلفاً حقاً. وفي ظل سنة واحدة فقط، تم إطلاق شركة Flavor Paper في استديو صغير في نيوأورلينز.

وأثناء أيام Sherman اليمينية في سان فرانسيسكو في أواخر التسعينيات من القرن العشرين، تقاطع طريقه مع طريق Jeff Kovel الذي أسس لتوه (1999) شركة Skylab Architecture الأمريكية التجريبية، فتعاونا على نقل مقر شركة Flavor Paper إلى مدينة بروكلين في نيويورك.

وهنا يقول Kovel: لقد غمرت نفسي في استديو نيوأورلينز لثلاثة أيام لاستيعاب حاجاتهم اليومية. وفي ذلك الوقت، رأى Sherman أكثر من 100 موقع ممكن، ليقع اختياره على مرآب قرميدي يعود إلى عام 1931، مؤلف من أربعة طوابق بمساحة إجمالية قدرها 19,000 قدم مربع.

ولكنهم أرادوا مساحةً أكبر، ولأن 80% من مبيعاتهم تحصل خارج نطاق مدينة نيويورك، كان لانتقالهم إليها معنى وفائدة كبيرين. فقد أحب Kovel جوار Cobble Hill تحديداً بسبب تنوع المباني والناس والشركات وموقعها البعيد والمركزي بقدرٍ كافٍ بنفس الوقت.

وبالعودة إلى نيوأورلينز، يضيف Sherman: كانت الغرفة المظلمة شبيهة بسجن تحت الأرض. ولم تكن غرفة الحبر مضاءة كفايةً. ولم نتمكن من سماع هواتف المكتب أثناء عمليات الغسيل أو عرض ورق الجدران لزبائننا على نطاق واسع.

ومن الملفت أنه حتى مستوى الأرضية يمكن أن يتغير تبعاً لمستوى الرطوبة. فبالإضافة إلى تطوير أوضاع التصنيع، عمل مقر مدينة بروكلين كواسطة تسويقٍ أفضل، حيث استطاعت شركة Flavor Paper العمل في كل مكان لأنها تقدم نماذج ثلاثية الأبعاد مميزة.

وكبدايةٍ، بدأنا بوضع غرفة العرض في الطابق الأرضي، والاستديو في الطابق الثاني. أما الطابقين الثالث والرابع فهما عبارة عن شقق سكنية لكل من Sherman واثنين من موظفيه.

“لكننا أدركنا أن لا شيء مما فعلناه في غرفة العرض سيكون ممتعاً بقدر جعلها أشبه باستديو يشبه مسرح”، يشرح Kovel. ومع هذا شعر Sherman أنه من الضروري أن يجلب المجتمع إلى قلب العملية، ويجعل الفن نقطة التركيز الأهم في عملهم.

حيث تم وضع كراسي مميزة بتوقيع Philippe Starck لتتوزع حول طاولة من إنتاج شركة Warren Platner، في حين تتدلى من الأعلى ثريا خلابة بتوقيع Tom Dixon، أما الأرضية الراقية فقد تم صنعها من التيرازو لتتميز بنقشة من الزنك تتماشى مع نقشة أوراق الجدران العصرية Bubbly التي تنتجها الشركة.

وعلاوةً على ذلك، تتباهى هذه الغرفة المميزة بوجود حوامل دوّارة من الألمنيوم تم تصميمها خصيصاً لتحتضن أطر تعرض نقشات لأوراق الجدران الخلابة، حيث تكون الأطر المتوضعة في المركز بأكبر عرضٍ، في حين تكون باقي الأطر أصغر حجماً.

وبالنسبة إلى عملية تصنيع أوراق الجدران، فهي تتم يدوياً على جداول تفريغية تبدو ظاهرياً بطول ميل واحد، ومن فوقها 70 قدم طولي من المرايا، لتجعل الطباعة مرئية من الشارع، بينما تخفي أنظمة التكييف والتهوية وتنجز متطلبات برنامج كامل بشكل انعكاسي. وهنا يستمر Kovel قائلاً: كان Jon منشداً لورق الجدران هذا بسبب الأسطح المعدنية، ولهذا تطلعت لدمج السطوع في كل طية.

وهنا تجدر بنا الإشارة إلى طريقة عرض الأقمشة البوليسترية المنقشة التي تصممها الشركة، والتي تبلغ أبعادها 41 ×83 إنش، حيث يتم تخزينها في أطر من الألمنيوم تتم دحرجتها إلى الداخل والخارج من حوامل صُنّعت خصيصاً لها.

أما فكرة المرآة فتمتد مباشرةً إلى الخارج على هيئة مظلة من الستاليس تيل المصقول والتي تتجاوز المدخل بمقدار ثمانية أقدام، كما تم تزيين هذه المظلة باسم الشركة الذي تم قطع أحرفه بواسطة تقنية واتر جت، لتتم إضاءة الأحرف من الخلف بأضواء LED ذات ألوان متغيرة.

وبوضع المرآة جانباً، يبقى الاستديو أبيضاً بشكل مسيطر. وكذلك هي الغرفة المظلمة الشبيهة بالسجن تحت الأرض، وغرفة الحبر المنيرة والواسعة التي تتضمن مئتي لون مائي، ومنطقة غسل الأقمشة المنعزلة حتى الآن.

وعن منطقة الغسيل نذكر ما قام به المصممون، حيث تم وضع حاجز من الزجاج الدعّم المضاء من الخلف لإنارة المكان، فهنا تحديداً يتم شطف الحبر عن الأوراق بعد عملية الطباعة، وبهدف الحيلولة دون انزلاق طاقم العمل تمت تغطية أرضية الإيبوكسي بطبقةٍ من الحبيبات الرملية الخشنة.

فلحل مشكلة الأرضية وتأمين أرضية مستوية، مزق Kovel اللوح الاسمنتي التركيبي وصب واحداً جديداً وكساه بمادة الايبوكسي البيضاء اللماعة التي ذكرناها آنفاً. وكما يعتقد Kovel فإن نقاط حبر التي ستنسكب على الأرضية ستمثل العنصر الجمالي الذي يكمن في الفوضى. ومع مرور الوقت، ستصبح الأرضية مجرد عنصر آخر من عناصر التصميم.

وبالنسبة لمحطات العمل، فتغلف نقشة باسم Power Plant السقف فوق تلك المحطات حيث يجلس طاقم الدعم، ومن ثم تمتد أجزاء قديمة من الزجاج برونزي اللون لتغلف المكاتب الخاصة بالسيد Sherman ومدير شركته.

هذا ويمكن للمارين أن يلمحوا الحياة النباتية ذات الأسلوب الدمشقي المنتفخ لنموذج Power Plant، إلا أنه ربما كان من الممكن تنفيذ المبنى -بوصفه استراتيجية أداة تسويق- بأفضل طريقة بواسطة مصعد السيارات السابق كما يُرى من الشارع.

وعلى مر العقود، أصبحت الواجهة الأمامية “مشوشة بصرياً”، على حد تعبير Kovel الذي قام بإغلاق جميع المداخل الأربعة ما عدا واحد منها، بالإضافة إلى تكبيره للنوافذ، مؤكداً على إيقاعها وخالقاً فرص عرض كثيرة.

وبعدها، يشرح Kovel أنه طلى المبنى كله بالأسود “لإظهار تفاصيل البناء الآجري”، وجعل المنظر من الداخل دراماتيكياً جداً. وربما تساءلتم عن وظيفة إطارات نوافذ المصعد الممتد على ثلاثة طوابق، والإجابة هي في أنها تكشف للشارع عن مناظر لنيونات مصنوعة على شكل ورود وأزهار أرجوانية.

أما في الخارج وفي أرضية ممر المشاة تحديداً، فقد تم حشر صندوقٍ من 40 قدمٍ مربعٍ من الزجاج المدعّم، ليتحوّل بذلك إلى وسيلة عرضٍ لا يمكن تفادي النظر إليها.

وفي وصفنا لهذا المقر المميز لابد لنا من أن نذكر في الختام تلك اللوحة الرائعة المتوضعة في استديو الطباعة بارتفاعٍ يبلغ تسعة أقدام، والتي تعرض صورةً لمؤسس الشركة التي أصبحت فيما بعد Flavor Paper.

إقرأ ايضًا