جناحٌ لا يصادق البيئة فقط؛ بل ينظّفها

17

بما أن العمارة باتت تتعرض لوابلٍ من الانتقادات فيما يخص تأثيرها الضار على البيئة واستنزافها للموارد الطبيعية، بدأت الأفكار الإبداعية في مجال حماية البيئة بالتدفق من أهم الأذهان المعمارية. ولكننا هنا لن نكون شاهدين على كتلةٍ معمارية صديقة للبيئة وذات تأُثيرٍ لطيفٍ عليها وحسب؛ بل سنتعرف على خفايا تحفةٍ معماريةٍ قادرة على ترشيح الهواء وتنقية الجو وتلطيف الطقس في وقت واحد!

فمنذ فترةٍ وجيزةٍ فقط وتماماً في فناء متحف الفنون الحديثة “موما بي إس 1″، افتتحت شركة HWKN المعمارية جناح ويندي الصيفي المؤقت، الذي صممته لصالح برنامج المعماريين الشباب 2012. وإذا ما اعتبرناه تجربةً وتحرياً لاستكشاف الحدود التي يمكن للعمارة العمل داخلها في البيئة العمرانية، فيمكننا القول إذاً أن جناح ويندي قد أبهر الكثيرين بالفعل.

فأذرعه الزرقاء المدببة تخترق الأجواء قرب جدران فناء المتحف، جاذبةً الأنظار ولافتةً الانتباه ومثيرةً فضول كل من يتجول على طول شارع جاكسن.

أما عن المفهوم التصوري للتصميم، فيقوم على إنشاء ما يشبه عاصفةً حقيقة؛ إذ يهدف الجناح حامل اسم “ويندي” أي ما يقابله في العربية “عاصف”، إلى تحدي فكرة العامة عما يمكن للعمارة القيام به، وذلك نظراً لوظيفة البنية البيئية التي تقوم فعلياً بتنظيف الهواء.

“ويندي لا تلعب اللعبة المعمارية المعتادة في الاعتذار البيئي، بل على العكس، هي [بنيةٌ] فعالة،” وذلك حسب ما ورد عن المصممين.

إذ اعتمد بناء هذا الجناح على نظامٍ إنشائي غير مكلف؛ فعلى سبيل المثال تم تنسيق السقالات المستعادة ضمن كتلةٍ بأبعاد 56قدم×56قدم؛46قدم، وذلك في محاولةً لمضاعفة مساحة السطح المخصص للنسيج.

نسيج!؟… أي نسيج؟

يغطي هذه البنية نسيجٌ أزرقٌ متوهج من النايلون، ابتداءً من لبّها وخروجاً نحو الخارج، ليتتوج نهايةً بالأذرع التي تقذف وتنشر الضباب والمياه والموسيقى عبر أرجاء الفناء.

حيث تمت معالجة النسيج برذاذ “تيتانيا نانوبارتيكل”، الأمر الذي سيكون من شأنه تعديل الملوثات التي يحملها الهواء، وهذا ما يعني بالتالي، تنظيف الهواء بما يعادل إزالة مخلفات 260 سيارة عن الطريق خلال إقامة الجناح القصيرة في فناء المتحف.

ويُذكر أن شركة HWKN قد علمت بادئ ذي بدء عن “غشاء تيتانيا نانوفيلم” لدى استخدام بعض مصممي الأزياء له في ابتكار قطع يمكن ارتداؤها في الشارع ويمكنها أن تنظف الهواء. كما أن المعماري ريتشارد ماير كان قد استخدم هذه المادة في كنيسة الحج في روما، والتي افترض فريق HWKN أنها ستنظف هواء روما من الغبار بواجهتها البيضاء؛ هذا عدا عن استخدام مدينة مالمو في السويد لها في الممرات الجانبية.

ولكن على الرغم من جميع هذه المحاولات، ستكون هذه المرة هي المرة الأولى التي يُستخدم فيها غشاء تيتانيا نانوفيلم في نسيجٍ، وهذا ما يؤسس لتجربةٍ عمرانية واسعة النطاق.

ويمكننا القول هنا أن تجربة السير في أرجاء هذه الجناح يمكنها أن تكون تجربةً مثيرةً ومفاجئة في الوقت عينه؛ فبمجرد أن يسير المرء في قلب الكتلة يمكنه أن يلحظ تلك المراوح الصفراء المشرقة التي تحرّك الهواء عبر الأرجاء، كما يمكنه أن يستمتع باستكشاف البرك المائية والرذاذ التي يتدفق بمنتهى اللطف نحو الأسفل.

حسب تعبير HWKN، “يتم تعريف حدود ويندي عبر أدواتٍ كالظل والرياح والمطر والموسيقى والهوية البصرية في الوصول إلى الماضي الذي يقيد الحدود الملموسة. إنها [كتلةٌ] تصنع بيئةً، وليست فقط مجرد مساحة.”

وفي الختام ننوه إلى أن متحف موما سيحتضن معرضاً كاملاً يكشف النقاب عن تصميم HWKN خلال هذا الصيف، وذلك إلى جانب أربعة عارضين آخرين. كما سيتضمن المعرض الرابحين والمرشحين النهائيين في مسابقة برنامج المعماريين الشباب في متحف MAXXI في روما، ونظائرهم في تشيلي؛ وهذا ما يلخص أنه سيكون معرضاً شاملاً، يكشف عن نطاق العمارة على مستوىً عالمي ويعزز الشبكة العالمية لبرنامج المعماريين الشباب.

تأكدوا من ألا تفوتوا زيارة جناح ويندي، الذي بدأ عرضه منذ السابع من تموز وسيستمر حتى الثامن من أيلول.

إقرأ ايضًا