مركز Kodály الموسيقي بالنسب الذهبية

16

“إن الموسيقى التي تجسد الحقائق الكونية تُظهر علاقات مباشرة بشكلٍ أكبر مع النظام العالمي المادي والروحي”…

استناداً لهذه الفكرة قام استوديو Építész المعماري بتصميم مركز Kodály في مدينة بيكس الهنغارية إيماناً منه بوجود نوعين من الهويات التي تشكل وحدات عالمنا؛ داخلية وخارجية… كائنية ومكانية.. منفتحة وانطوائية… فاعلة وسلبية…

فما بين الحياة الصاخبة في الخارج والأجواء الهادئة في الداخل، يعج المبنى بالحياة ليفسح المجال أمام السكينة لتخيم على القاعة، بالاستعانة بالقواعد الرياضية التي تسيطر على عالمنا، فكلنا يعرف بأن هنالك متتاليتين أساسيتين في تركيب هذا العالم تعتمد على الرقمين واحد واثنان، حيث يتم ضرب كل عدد في المتتالية الأولى بـ 2 للحصول على العدد التالي، بينما يمثل العدد التالي في المتتالية الثانية مجموع العددين السابقين.

ويمكن العثور على هاتين المتتاليتين في الموسيقى الأوروبية أيضاً، حيث تمثل الأولى تناظر الموسيقى الكلاسيكية التي تسعى لتحقيق التوازن، على نقيض المتتالية الثانية، كما وتتبع متتالية فيبوناتشي الرياضية، التي تُعتبر من أهم تطبيقات النسبة الذهبية الشهيرة أو التناظر الديناميكي، التي تتعدى تطبيقاتها مجال العمارة والرسم لتصل إلى الموسيقى.

وهنا تحضرنا الحركة الأولى في مقطوعات Music for Strings و Percussions و Celeste الموسيقية من تأليف المؤلف الموسيقي الهنغاري Béla Bartók، كأبرز تطبيقات للنسبة الذهبية في الموسيقى.

وبغض النظر عن كون النسبة الذهبية خاصية فعالة في العالم الحي للتعبير عن الكفاح والنضال والوجود، فإنها تقوم بتأمين التوازن اللازم للتعبير عن الصفاء الفكري، وهو ما ساعد Bartók بتضمين النسبة الذهبية في الحركات الأولى من مقطوعاته، ومن ثم استخدام مبدأ التناظر الكلاسيكي في الحركات الأخيرة.

في المقابل يبرز هذان النظامان متصلين ببعضهما البعض تماماً مثل عالمين، على نحوٍ أدق، مثل وجهين أو جانبين من العالم نفسه، يقوم الأول بتبني التوازن كمبدأ إرشادي في الوقت، الذي يقوم فيه الثاني بتبني التوتر، ومن ثم يرتبط الاثنان مع بعضهما البعض في افتراضٍ متبادل، ويؤلفان معاً تركيبة واحدة ومتناقضة في آنٍ واحد.

وفي تفاصيل التصميم نلاحظ بأن الخصائص المعمارية لقاعة الحفل في تناغم وثيق مع مبادئ التصميم المشتركة والتأليف الموسيقي… الحركة والتوازن.. اللذان يمثلان وجهان لنفس العالم، ما بين الحجر والخشب.. الصلب والناعم.. البارد والدافئ، استطاعت الأحجار البيضاء القديمة أن تطوق قاعة الحفلات الموسيقية المرصوفة بالخشب الخالص، كما لو كنا نستمع إلى الموسيقى داخل شكلٍ خشبيٍّ عملاق أو آلة موسيقية قديمة.

وأخيراً فإن افتتاح قاعة الحفلات الموسيقية هذه يعني تحقيق حلمٍ عمره مئتين سنة، فلطالما رغب أبناء المدينة جعل بيكس مركزاً موسيقياً في المنطقة الثقافية الجنوبية، وفي هذا الغرض تقوم فرقة Pannon Philharmonic الموسيقية بالتحضير لتحديد المفهوم الموسيقي للقاعة.

إقرأ ايضًا