في التصاميم المستدامة الغاية لا تبرر الوسيلة

11

في ظل الأزمة الخانقة فيما يتعلق بالمشاكل البيئية العالمية، ظهرت العديد من الآراء والحلول التي كانت متضاربة أحياناً ومتفقة أحياناً أخرى. ومن بين هذه الإشكالات، برزت عملية خلط كبير بين أهداف العمل المعماري المستدام، فانشغل الجميع بعملية طرح مصطلحات مثل “التصميم الأخضر” و”التصميم المستدام” وتجاهلوا الهدف الأكبر من ورائها.

وفي هذا الشأن بالذات، انبرى الكثير من المحللين والمعماريين لإبداء آرائهم في هذه المسألة، محاولين التأكيد على ضرورة التخلي عن هذه الأفكار والعمل بجدية أكبر لتغيير وجه العالم من خلال مشاريع مستدامة بغض النظر عما ستحصده من جوائز وأوسمة وتقديرات.

هنا سنورد بعضاً من أهم آراء المعماري William Leddy (الرئيس المؤسس لشركة Leddy Maytum Stacy Architects في سان فرانسيسكو) كما وردت في مقالٍ نُشِر له في مجلة Architect’s Newspaper المعمارية الإلكترونية اقترح فيه أن ننتقل من عالم الأفكار البالية لـِ “التصميم الأخضر” وأن نتوقف عن الجدال حول نقاط LEED السرية لنبدأ بالعمل على الموارد الجذرية المندمجة المتعلقة بالفعالية ضمن مفاهيمنا عن التميز في التصميم.

فعندها فقط سنتمكن من التركيز الكامل على الطاقة التحويلية للتصميم في التحدي الأكبر لجيلنا، ألا وهو المساعدة في قيادة مجتمعنا إلى مستقبلٍ مزدهرٍ وخالٍ من الكربون.

وكما يعلم الجميع في هذه الآونة، فإن الاحتباس الحراري يشكل تهديداً حقيقياً لعالمنا اليوم, ونعلم أيضاً أنه علينا أن نغير أساليب حياتنا ونصبح أصدقاء للبيئة. أما المعماريين بالتحديد، فهم يعلمون بالضرورة أنهم يمتلكون عناصر الإبداع والمسؤولية الضرورية لإنجاز استراتيجيات أكثر صداقة للبيئة.

لهذا السبب، لا يجب أن يقوم المعماريون بتصميم مشاريع خضراء لمجرد أن يتبعوا الموضة الجديدة، أو أن يقوموا بحساب النقاط على قائمة التدقيق من أجل الحصول على جائزة. وإنما عليهم -بوصفهم أصحاب مهنة سامية- أن يبتكروا تصاميمهم بالتركيز على الاستعانة بالأفكار البيئية المستدامة دائماً، لأن فوائد خلق مبنى صحي وصديق للبيئة يمكن أن تزيد أهمية عن عقودٍ أمضاها المعماريون في اتباع الطرق المبذرة والضارة، في محاولةٍ للحفاظ على عالمنا ونقله إلى مستقبلٍ مزدهرٍ.

وكما يشير Leddy أيضاً، يبدو أن هناك انفصال في العالم المعماري بين أفكار التصميم الأخضر والتصميم المستدام. ولكن لماذا هذا الانقسام، ولماذا الجوائز والأوسمة المنفصلة؟ فيأتي الجواب الأمثل في حقيقة أنه لا يجب أن تواجه قدرة تصميم أي مشروع أية مشاكل إذا ما دمجت أفكاراً مستدامة، فليس تصميم مبنى مستدام عذراً لتركيز الصرف على الأنظمة والمواد الجديدة. بل يجب أن تكون المشاريع المعمارية اندماجاً موحداً بين التصميم الممتاز والاستدامة، وليس أحدهما دون الآخر. فالغاية هنا لا تبرر الوسيلة.

ولهذه الغاية، على الجميع أن يتجاوزوا مفاهيمهم الحالية عن التصميم “الأخضر” وأن يدمجوا السعي وراء الأداء العالي وابتكار مبنى عديم استهلاك الطاقة بشكلٍ كاملٍ ضمن مفاهيمهم الشاملة للتصميم المتميز. كما يجب إعادة التفكير في الطموحات الأساسية في التصميم -التي يتأصل العديد منها بقوة في عصر النفط الغني بالطاقة- وإيجاد لغات عمرانية جديدة تعبر عن وترحب بالحقائق المُلِحَّة لعالمٍ خالٍ من الكربون. ولكن التحدي الأول وربما الأكبر سيتجلى في إقناع كل معماري وزبون بأن هذا الجهد جدير بانتباههم الجماعي غير المنقسم، وليس مجرد لهوٍ مملٍ متعلقٍ بالموضة كما يدعي البعض.

أخيراً، لا يسعنا سوى أن نتفق مع آراء السيد William Leddy لأنها تعبر عن فكر متبصر وتقدم حلولاً واعدة ربما كانت عاملاً فعالاً في تحسين الأوضاع البيئية في عالم اليوم المحفوف بالمخاطر.

إقرأ ايضًا