منزل HSU أول منزل يتحدى طقس نيويورك القاسي

6

كردٍ على طقس نيويورك القاسي، قام فريق EPIPHYTE Lab المعماري بتصميم منزلٍ سكني صغير لإحدى العائلات الشابة على مساحة 3,900 قدم تربيعي، ويدعى HSU، وذلك على إحدى التلال في غرب مدينة إيثاكا في نيويورك، فقد تم تصميم هذا المنزل وعينه على إحراز شهادة LEED الفضية، باستخدام أحدث تقنيات الاستدامة على الرغم من الميزانية الزهيدة.

وبحديثنا عن الاستدامة يسترعينا السقف المتشعب الذي يظلل طوابق المبنى الثلاث، حيث يقوم هذا السقف بعزل HSU كلياً عن أشعة الشمس في الصيف وعن الأمطار في الشتاء، في الوقت الذي تم فيه تقسيم الكتلة بأكملها بواسطة جدارٍ داخلي قبالة الجهة الجنوبية مصنوع من الإسمنت، كحلٍ عبقري لتخزين الطاقة وتنشيط الإضاءة، والنتيجة مساحة مشمسة في كافة الفصول، ففي الصيف، على سبيل المثال، بإمكان هذا الجدار أن يفتح المساحات الداخلية على المشاهد الطبيعية في الخارج.

كما وقد تمت تغطية المبنى من الخارج بألواحٍ إسمنتية قادرة على الاستجابة وأشعة الشمس، إذ تتميز هذه الألواح بقدرتها على التدرج ما بين الظلمة والضوء تبعاً لاتجاه الشمس، وكل هذا وأكثر بكلفةٍ زهيدة للغاية، فقد كانت النية، ومنذ البداية، خفض تكاليف التشطيبات والتجهيزات وإنفاق الميزانية بدلاً من ذلك على الكتلة وأنظمة البناء، وكنتيجةٍ لذلك نلاحظ بأن مواد البناء بسيطة للغاية وتقتصر على أخشاب الخيزران والجدران الجافة والألواح الإسمنتية، على نقيض الأشكال والمساحات الداخلية المعقدة.

وبالعودة إلى شهادة LEED، فقد تم تصميم المنزل بطريقةٍ مكررة باستخدام برنامجٍ خاص لتعزيز ضوء النهار، وبالتالي تعزيز الأداء الحراري للتصميم، ويأتي ذلك كردٍ على طقس نيويورك القاسي، الذي حال دون وجود النوافذ الكبيرة في تصاميم المباني وحتى المنازل في المدينة، حيث ارتأى فريق EPIPHYTE Lab بأن تشغل النوافذ في منزل HSU حوالي 30% فقط من الكسوة الإجمالية، وهو ما يكفي لإضاءة المنزل كل الوقت عندما تكون الشمس مشرقة.

إذ نلاحظ بأن جميع الجدران الكامدة تحوي على الأقل ست إنشات من مادة البولي يوريثين العازلة، وقرابة 2 إنش من مادة polyisocynaurate تحت اللوح الإسمنتي، كما ويحتوي المنزل على نظامٍ لجمع مياه المطر، فضلاً عن نظام تدفئة للهواء مع مرشح، ناهيك عن نظام التسقيف المبتكر وأنابيب ضخ المياه عالية الكفاءة.

أما الاهتمام الأكبر فقد تم إيلاؤه للكسوة الخارجية مما أسفر عن بناء محكم للغاية، حيث ينخفض تسلل الهواء إلى معدلاته الدنيا، ولأنه مصمم خصيصاً لتتم تهويته طبيعياً، فإن منزل HSU لا يحتوي على أية أنظمة للتبريد، كما وقد تم تصميمه أيضاً ليصبح في الإمكان، فيما بعد، دمجه وأجهزة الطاقة الشمسية التقليدية على الواجهة الجنوبية، حيث من المقرر أن تضاف هذه الميزة على التصميم هذا العام على أمل خفض نسبة استهلاك الطاقة وانبعاثات الكربون.

ونأتي على مواد البناء، فقد ذكرنا في البداية بأن الكلفة الزهيدة والمواد البسيطة كانت إحدى أولويات المشروع، مما جعل الخشب الخيار الأمثل في هذه الحالة، باستثناء الجدار الإسمنتي الضخم، الذي يقوم بفصل المساحة المشمسة عن المساحة الرئيسة من المنزل، إذ بمقدور هذا الجدار أن يرطب الأجواء النهارية وأن يخزن الإشعاع الشمسي بطوله البالغ 23 قدم وارتفاعه المقدر بـ 14 قدم، أما عرضه فيتراوح بين 5،5 و 16 إنش.

فقد قام فريق العمل بتصميمه آخذين بعين الاعتبار ثلاثة معايير رئيسة، أولاً زيادة مساحة الجدار لزيادة معدل نقل الحرارة بين الشمس والجدار والبيئة الداخلية، ثانياً تصميم الجدار على نحوٍ يُسمح فيه بمرور الضوء من المساحة المشمسة عبر الكتلة، مما يسمح بإضاءة الجانب الشمالي من الطابق الأول.

ثالثاً، كان على هذا الجدار أن يضفي أجواءً نحتية، منذ أول لحظة تدخل فيها المنزل، حيث يقوم هذا الجدار بتحديد المدخل والمطبخ والمساحة المشمسة، بالإضافة إلى الارتفاع الثلاثي لمساحة المعيشة الرئيسة.

وأخيراً تجدر بنا الإشارة إلى أنه قد تم اختبار عدد كبير من الأشكال قبل اختيار شكل الجدار الحالي، فلم يقتصر الأمر على رفد المنزل بعنصرٍ جمالي أبداً، إذ كان الشاغل الأساسي هو الحفاظ على مستوىً محدد من المسامية التي من شأنها خلق شعور من الخفة، والسماح بالرؤية من خلال الجدار، وقبل كل شيء خلق مساحة معيشة مرحبة ومتنوعة مكانياً.

يُذكر أنه قد تم التوصل لنموذج هذا الجدار باستخدام برنامج غراسهوبر، كما تم اختبار التكرارات العديدة باستخدام محاكاة رقمية، وبمجرد التوصل إلى التصميم النهائي تم قطع النماذج بالاستعانة بتقنية CNC، وبعدها تم استخدام النماذج التي فاق عددها المئة في عملية القطع اليدوية لقوالب البوليسترين أو الستريوبور عالي الكثافة، التي ساعدت في النهاية على إنهاء الجدار في عملية صب مفردة استغرقت ثلاث ساعات.

إقرأ ايضًا