من مؤقت إلى دائم؛ الحل بمنتهى البساطة

15

أكمل مؤخراً فريق Line and Space المعماري تصميمهم الخاص بمبنى واقع في مدينة شيامين الصينية المزدهرة.

فبمساحةٍ من المتوقع لها أن تحتضن 600 ألف شخص في السنوات القليلة المقبلة، يشكّل مبنى مكاتب مبيعات JNC/مركز الفنون جزءاً من مشروعٍ تطويري أكبر يقع في منطقة جيمي نيو سيتي، حيث سيخدم هذا المبنى كمساحةٍ تحتضن مكاتب مبيعات مؤقتة من شأنها أن تتحول لاحقاً إلى مساحةٍ خاصة بعرض الفنون المحلية والإقليمية.

فإحدى أهم السمات الفريدة في اقتصاد الصين المزدهر والنماء المتسارع الذي تشهده مدنها، هي تلك الطرق المتنوعة التي يتم تطبيقها حالياً في المشاريع التطويرية الجديدة، وعندما يتعلق الموضوع بكيفية تمويل المباني في الصين وكيفية تصميمها بحيث تتلاءم مع الاستخدامات المستقبلية، فيمكننا القول أن الصين تشهد وبشكلٍ مستمر تطوراً مذهلاً في طرح طرائق جديدة لاحتضان اقتصاديات السوق الحر.

ومبنى مكاتب مبيعات JNC ليس باستثناءٍ عن هذه القاعدة، فهو عبارة عن مبنى عام حظي بتمويلٍ خاص، أما لاحتضان حيوية ونشاط البيئة الحالية، فقد صمم فريق Line and Space العقدة المركزية الأساسية في هذا المشروع التطويري بطريقةٍ تجعلها تستجيب إلى الديموغرافيات الحالية وتلك المتوقعة، وللثقافة والتحولات التكنولوجية بطرائق إبداعية للغاية.

حيث يقع المشروع وسط ضاحيةٍ جديدة آخذةٍ بالتطور، وهو موقعٌ محاطٌ بغابةٍ من النشاطات الإنشائية وما يرافقها من ضجيجٍ وغبار وإطلالاتٍ غير مرغوبة على مبانٍ تجارية موجودة أصلاً.

لذا تجسد الحل التصميمي الأول في إبعاد النشاطات الحالية الموجودة حول المبنى، الأمر الذي تم التوصل إليه عن طريق بناء جدارين إسفلتيين أسودي اللون يتقاربان من بعضهما البعض ليشكلا إطاراً يحمي الممر المركزي المؤدي بالزوار إلى المدخل الرئيس مروراً بحقلٍ من الزهور.

فبمجرد أن يبدأ الزائر رحلته في هذا الممر، يمكنه أن يستشعر ذلك الانطباع الضاغط الذي تخلقه الجدران بتقوسها للداخل قبل أن تحرره في مساحة المبنى الداخلية المفتوحة.

لكن هذين الجدارين لم يكونا عامل الحجب الوحيد، بل استعان فريق التصميم بغابةٍ من الخيزران على حافة الموقع بجوار الطريق العام في الزاوية الجنوبية الغربية، كان من شأنها عزل الزوار عن أجواء الضجيج المحيطة.

أما عن ذلك البرميل المعدني الأصفر المتماوج، فيتجسد دوره في احتضان المبنى داخله، مقدمةً نقيضاً واضحاً للجدارين الأسودين، وبمجرد الدخول إلى المبنى ذي الخطة الداخلية المفتوحة، فهناك سوف يُذهلك مجسمٌ للمشروع التطويري الجديد صُنع بأبعاد 32 قدم × 20 قدم.

لكن المفاجآت لن تقف عن هذا الحد، إذ اعتمد المصممون استخدام مجموعةٍ بسيطة ولكن مميزة من المواد والتشكيلات؛ كالسقف الخشبي المستعار الموجود على حواف المساحة الداخلية، والأرضيات الحجرية، والسقف الأسود الكتيم المزود بتجهيزات إنارة محصورة وثابتة موزعة ضمن دوائر متنوعة التشكيلات تكمّل بعضها البعض، وغيرها من اللمسات الداخلية الفريدة.

الجدير بالذكر هنا أن هذه الفكرة هي الفكرة الطاغية أيضاً على كافة مساحات مكاتب المبيعات المؤقتة ومكاتب العملاء ومساحات الحوار ومناطق الشخصيات الهامة VIP، بالإضافة إلى منطقة لعب الأطفال ومسرح العروض التقديمية.

لكن هذا لا يعني أبداً أن المصممين لم يعتمدوا على الإنارة الطبيعية، إذ يُدخل التصميم تيارات الهواء والضوء الطبيعي في كافة مساحات المبنى عبر الحديقة الداخلية المزججة من الأرض وحتى السقف، وعبر النوافذ العلوية المتوضعة على طول الجدران، مما يؤكد على أهمية الإطلالة الداخلية والتركيز على المرفق نفسه.

وبما أن وظيفة المبيعات في هذا المبنى هي وظيفة مؤقتة، تؤكد الاستراتيجيات المستخدمة في التصميم على تخطيط الواجهة الذي يدعم الدور النهائي للمبنى كمركز اجتماعي للفنون.

فمع أخذ هذا الأمر بالحسبان، ستخدم الجدران الإسفلتية السوداء كأرضيةٍ لعرض الفنون في المستقبل، في الوقت الذي سيتحول فيه التوزيع الداخلي بما يتناسب مع مرفق فنيٍّ مخصص للمجتمع بأكمله، بينما يتحول مكان عرض نموذج المشروع التطويري في الجهة الشمالية الشرقية من المبنى إلى منطقةٍ خاصة بعرض المنحوتات الفنية كبيرة الحجم.

في النهاية وبفضل ابتكار حلٍّ يمد من عمر ما كان مقدراً له أن يكون مجرد مبنى مؤقت، يبدو أن مبنى مكاتب مبيعات JNC/مركز الفنون الاجتماعي، سيحيى حياةً مديدة ويتحول إلى معلمٍ يندمج مع المجتمع المحلي، مقدماً مساحاتٍ يمكن فيها لعامة الناس الاستمتاع بالعروض الفنية المحلية والإقليمية.

إقرأ ايضًا