عمارةٌ محلية بإمتياز… من براميل المخلل

2

بتنا نسمع الكثير في الآونة الأخيرة بمصطلح “العمارة المحلية” ولكن ما المقصود بالضبط بهذا المصطلح الذي بات استراتيجيةً ينتهجها الكثيرون… وما الداعي لهذا الرجوع القوي لاستخدام المواد “المحلية”؟

فمشروع كلية الهندسة المدنية في جامعة Minnesota Duluth أو UMD في مدينة Duluth البحرية في ولاية مينيسوتا الأمريكية واحدٌ من أمثلةٍ كثيرة من هذا الواقع، حيث قام معماريو Ross Barney باستخدام الأخشاب المحلية المكررة حصراً إلى جانب أجزاءٍ من براميل المخلل!

نعم من أخشاب براميل المخلل… ولا تستغرب أبداً، فقد جاء قرار إدارة الجامعة حاسماً حيال ضرورة الاستعانة بالمواد المحلية في المدينة و”تقاليدها”، والتي تعتبر واحدةً من أهم المدن في ولاية مينيسوتا الأمريكية، لتنفيذ المبنى الجديد بالطلاب الراغبين في الحصول على درجة الإجازة في العلوم من كلية الهندسة المدنية BSCE.

من جهته يؤمن المبنى ما يقارب 35,300 قدم تربيعي لتضم الصفوف المدرسية والمختبرات التعليمية ومختبرات البحوث إلى جانب المكاتب الخاصة بقسم الهندسة المدنية، كما ويعزز أيضاً من أنماط التوزيع الحالية التي تُعتبر جزءاً من حرم جامعة UMD.

وليس هذا كل شيء فقد جاءت مواد البناء الخارجية لتحاكي المباني الحالية داخل الحرم الجامعي باستخدام مواد ذات مصادر محلية من عمليات التنقيب والتعدين التي تشتهر بها المنطقة، وبذلك أسس المبنى لعلاقة متوازنة مع مباني الجامعة وطبعاً مع الاقتصاد المحلي.

إذ لا يخفى على أحد أسعار المواد المحلية الزهيدة فيما لو قارناها مع المواد الأجنبية المستوردة، ويتجلى استخدام هذه المواد جلياً بالنظر إلى عارضتي السقف البارزتين، حيث تم إكساؤهما بأجزاءٍ من براميل المخلل الخشبية المحلية والمعاد تكريرها.

أما ولتدعيم ممر الدخول الرئيسي فقد تم رصف العديد من الأعمدة المصنوعة من الفولاذ المصقول، في الوقت الذي نرى فيه كرياتٍ معدنية مصفوفة بجوار بعضها البعض، في محاولةٍ لتوفير ركيزة للأعمدة الفولاذية وحواجز المطر المثقبة المصنوعة من فولاذ كورتين، التي تقوم بتظليل المدخل.

لقد حاول معماريو Ross Barney أن يستقي المبنى تصميمه من وظيفته التعليمية، فعلى سبيل المثال نلاحظ بأن جدار المختبر الجنوبي يقوم بدعم الألواح خلال عملية البناء، بينما يقوم الجدار الزجاجي الذي يفصل المختبر الرئيسي عن المدخل والموزع بتأمين فرصةٍ لمشاهدة التجارب داخل المختبر.

أخيراً وليس آخراً يقوم الجدار المصنوع من الفولاذ الطبيعي بفصل درج المدخل عن الخارج، والذي نراه ما يزال يحافظ على شكله الأصلي، على نقيض فولاذ كورتين المستخدم في الخارج والذي تعمد فريق العمل تركه عرضةً لعوامل الطقس الخارجية، على أمل أن يتغير شكله وتكسوه طبقةٌ مؤكسدة ملونة مع الأيام.

على الرغم من حفاظ مبنى BSCE الجديد على علاقةٍ حميمة والمواد المحلية التقليدية لا ينفي ذلك كونه بيئةً صحية للطلاب، حيث استحقت الاستراتيجيات المستدامة فيه شهادة LEED الذهبية، والتي تعتبر جزءاً هاماً من تصنيف LEED للبناء الجديد.

أما هذه الاستراتيجيات فتتضمن زيادة التهوية واستخدام مواد بناء ذات انبعاثات كربونية منخفضة، فضلاً عن أنظمة التحكم بالإضاءة والحرارة المتطورة، كما وتركز أيضاً على الاستفادة المثلى من ضوء النهار وأنظمة توزيع الهواء المركزية.

قبل أن نختتم مع مشروعنا لليوم، الذي استطاع إقحام التفاصيل المحلية بنجاح في كافة أرجائه، لا بد لنا من المرور على محاولة فريق Ross Barney دمج النباتات المحلية والحدائق المطرية التي تمتاز بها المنطقة في الطوابق الشرقية والغربية، إلى جانب السقف الأخضر المغمور بهذه النباتات، الذي ساهم بالوقوف في وجه العواصف وتبردة المبنى، بالإضافة إلى الحد من الضوضاء والأضواء القادمة من المباني المحيطة.

إقرأ ايضًا