تاداو آندو و”منزلٌ في سيريلانكا”

18

“إلى ساسكيا”…

هذا ما تجده منقوشاً على لوح حجري في نهاية الطريق المتعرج المؤدي لبوابة هذا المنزل الذي جاء بتوقيع الشهير تاداو آندو؛ لكن من هي ساسكيا؟

إنها الزوجة المحظوظة لبيير برينغيير، الصناعي الناجح صاحب الشركة العالمية لتصنيع الإطارات التي تقدم 40% من الإطارات الصناعية في العالم، والذي قرر إهداء زوجته الغالية منزلاً بتوقيع معمارها المفضل؛ آندو، الذي نال إعجابها وأسر قلبها منذ أن اطلعت على تصميمه لكنيسة الضوء المبنية في عام 1989.

فبعد ثلاثين عاماً من الاستقرار في سيريلانكا، قرر الثنائي البلجيكي اتخاذ مسكنٍ مميز لهم، وكانت النتيجة منزل خرساني على حافةٍ جرفٍ في جنوب سيريلانكا، مؤلف من ثلاثة طوابق تضم في جنباتها مكتباً مزججاً للزوج كثير الأشغال، واستديو فني للزوجة الفنانة.

أما عن اسم المنزل فهو وبكل بساطة “منزلٌ في سيرلانكا”، إذ أطلق آندو هذه التسمية على مشروعه لأنه يوحي وبكل بساطة بأجواء المنزل الرومانسية؛ فهو متربع على جنة على الأرض تمتد أمامه شواطئ البحر برمالها البيضاء المرقطة بأشجار جوز الهند والأكواخ المغطاة بأوراق الأشجار، بينما تسبح الأفاعي والتماسيح في مياه أنهار المنطقة وتتجول بحريةٍ في أراضيها القرود السوداء والفيلة البرية وحتى الفهود، في الوقت الذي يجلس فيه الصيادون المحليون بانتظار الأسماك على حافة البحر…

إنه مشهد رومانسي بكل ما تحمل الكلمة من معنى؛ ولكن الأهم يبقى فيما يضمه المنزل في الداخل، فقد تم تصميمه بطريقةٍ تسمح بتدفق الضوء الطبيعي نحو الاستديو الفني الموجود في الطابق الأرضي، وذلك بفضل النافذة الممتدة على طابقين كاملين، والتي تم تقسيمها إلى أربعة أجزاء بوساطة خطين متعامدين من الفولاذ، في الوقت الذي يطوق درجٌ مميز غرفة الاستديو موصلاً مستخدميه إلى طابق الميزانين الأول.

هناك يقع مكتب الزوج، الذي يمكن الوصول إليه عبر درجٍ متعرج (زيغ زاغ)، يرتفع من غرفة الجلوس البالغ طولها 20 متر؛ لكن الملفت للانتباه في هذه المساحة هي تلك التراسات الخارجية المتدرجة بين الطابقين الأرضي والأول، إلى جانب بركة السباحة اللامتناهية (إنفينيتي بوول)، التي تبرز فوق سقف غرفة المعيشة.

أما بالنسبة للمفروشات المتوزعة في أرجاء المنزل فقد اختار آندو أن تكون ذات لونٍ موحّد؛ بما في ذلك الطاولة المميزة المصنوعة من خشب الساج والورق المقوى؛ والتي جاءت بتوقيع المصمم شيغيرو بان.

يمكننا القول أنه وعبر هذا المنزل، يبدو أن تاداو آندو قد قرر الابتعاد عن منهجيته المتبعة في أعماله السابقة، التي لطالما سعت لأن تكون استكشافية تخترقها تجويفات صغيرة فقط تسمح بتسلل الضوء.

ولكن هنا وعلى العكس تماماً؛ يسلّم المعماري منزله لعناصر الطبيعة، حيث يمكن لساسكيا أن تستوحي الكثير من أعمالها الفنية من “السماء وبحر الجزيرة المدارية”، فهي ومنذ البداية لم تُرد أن ترى من منزلها سوى السماء والبحر، وهنا يهدف آندو حسب كلماته “لخلق عمارة مهوية كالعديد من المنازل المحلية.”

فحسب زعم آندو؛ تتوقف مهمته عند تصميم صندوق وحسب، بينما يتجسد دور الزبون في ضخ الروح في هذا الصندوق، وفي حالة بيير وساسكيا يبدو أن آندو قد استطاع لمس وتحقيق رغباتهم بكل حذافيرها.

إقرأ ايضًا