للوهلة الأولى يبدو الدرج اللولبي في مركز أوبركيرش للميديا في ألمانيا على أطراف مدينة ستراسبورغ لانهائي، ولكنه ما يلبث أن ينتهي في الطابق الثالث من المركز، إذ يحظى هذا الدرج المركزي بالعديد من المنحنيات والتقوسات على نحوٍ خادعٍ للأنظار، فقد استفاد فريق Wurm + Wurm من وقوع الدرج وسط المركز وتحويله إلى عنصرٍ ديناميكي يربط ما بين المكتبة متعددة الوسائط ومساحةٍ أخرى للأحداث الثقافية وما بين أرشيف البلدة.
عدا عن دوره بتنشيط المساحة، فإن لهذا الدرج وظيفة أخرى ألا وهي تحويل المركز إلى بقعةٍ تعج بالحياة، ويظهر ذلك جلياً بالنظر إلى الملاقف المستديرة التي تخترق السقف أعلاه، من جهةٍ أخرى تخترق واجهات المركز فتحاتٌ كبيرة أشبه بنوافذ المتاجر، تغمر المساحة، عدا الضوء الطبيعي، بإطلالة ساحرة على شوارع البلدة المحيطة.
وما زلنا نتحدث عن نوافذ الواجهات الكبيرة، فقد استطاعت هذه النوافذ غمر مساحات القراءة المخصصة للأطفال بالضوء الطبيعي، وهنا تسترعينا مجموعة الطاولات والكراسي الملونة التي تعج بها تلك المساحات، في محاولةٍ من فريق Wurm + Wurm تشجيع الأطفال على القراءة والمكوث أكبر وقتٍ ممكن.
لم تكن القصة هنا تأمين مركز للقراءة أو حفظ أرشيف البلدة أو حتى استضافة الأحداث الثقافية، بقدر ما كانت إبراز التناقض ما بين هذه الأجزاء على اختلاف وظائفها ومساحاتها، حيث تبلغ مساحة المركز بالمجمل 2100 متر مربع تتوزع بين المكتبة الممتدة على 1000 م2 ومساحة الأرشيف على 400 م2 وأخيراً مساحة الأحداث والفعاليات على 190 م2.
يُذكر أن هذا المشروع قد تقرر في عام 2007 ضمن نطاق المنافسة التي أطلقها مكتب Wurm + Wurm نفسه، ولكن أعمال البناء لم تبدأ حتى شهر تشرين الثاني من عام 2008 ولم تنتهي حتى شباط 2010.
وهكذا سيكون بمقدور أهالي أوبركيرش ولأول مرة تجربة أحدث ما توصل إليه عالم الميديا وتكنولوجيا المعلومات بكل سهولة ويسر، فيكفي أن يخطو المرء بقدمه على الدرج اللولبي لينتقل إلى عالمٍ من الميديا لن يجده في مكانٍ آخر سوى ألمانيا.