خمسة أقسام وخمسة مصممين والمبنى واحد

9

بالتزامن مع خطة الحكومة الفرنسية لتطوير مدينة ليون، تم الكشف مؤخراً عن مشروع عمراني متعدد الاستخدام يحمل اسم Le Monolith من تصميم فريق MVRDV المعماري الهولندي، ويضم مساكناً اجتماعية وعقاراتٍ للإيجار ومكاتب، فضلاً عن شققٍ سكنية لذوي الاحتياجات الخاصة بمساحةٍ تصل إلى 32,500 م2.

وتتألف كتلة المشروع من خمسة أقسام قام بتصميم كل قسمٍ منها فريقٌ معماريٌ مختلف، وهم من فرنسا Pierre Gautier و Manuelle Gautrand و ECDM، ومن هولندا Erik van Egeraat وفريق MVRDV، الذي اختير كفائزٍ من قبل شركة ING للتطوير العقاري في عام 2004 لتصميم مبنى Le Monolith العمراني بالاشتراك مع بقية المصممين المشاركين من أجل تحقيق التنوع والتعددية المعمارية.

يتميز المبنى بغض النظر عن التركيبة السكنية والتجارية الفريدة بوجود ساحةٍ داخلية كبيرة من تصميم فريق West 8 للهندسة الطبيعية، وتحيط بهذه الساحة مساحة عمومية مرتفعة مطلة على المدينة، بالإضافة إلى مرفأٍ جديد وحديقة تحت الأرض بوحيٍ من المعارض الفرنسية الكبيرة الكلاسيكية.

أما فريق MVRDV فقد تعهد تصميم المقطع الرأسي في الجهة الجنوبية عند الواجهة البحرية دون أن يبدو غريباً عن بقية أقسام المبنى الذي كان لكل منها طابعه المعماري المميز عن القسم الآخر، ولابد لنا من الإشارة هنا إلى أن مبنى Le Monolith يعتبر جزءاً من مشروع التجديد العمراني Lyon Confluence الذي يستهدف استصلاح 150 هكتاراً من الأراضي الواقعة في الطرف الجنوبي من شبه جزيرة ليون حيث يلتقي نهر الرون بنهر ساؤون بدعمٍ من المفوضية الأوروبية.

وفي تفاصيل المبنى الجنوبي من تصميم MVRDV نلاحظ أنه قد تم تظليل المساحات الداخلية من المبنى بواسطة مصاريع من الألمنيوم كإشارةٍ إلى العمارة المحلية التقليدية، في الوقت الذي تكشف فيه الشقق داخل المبنى عن تنوعٍ ملحوظ الهدف منه جذب مجموعات مختلفة من السكان، وهو ما يعكس أيضاً تنوع الكثافة السكنية في ليون.

أما المكاتب فقد تم تقسيمها إلى وحداتٍ منفصلة تبلغ كل واحدةٍ منها 500 م2 كحدٍ أدنى، يمكن الوصول إليها عن طريق ثلاثة محاور توزيع عمودية، حيث بإمكان هذه المحاور توفير وصول الأفراد إلى الوحدات المكتبية المرنة تبعاً لاحتياجات المستأجرين ومتطلباتهم، ولكنها تشترك في المقابل في أمور الإضاءة والتهوية الطبيعية.

لقد كان قرار فريق MVRDV بدمج قيم وأفكار الاتحاد الأوروبي في واجهة المبنى غير قابلٍ للنقاش، وهي ردة فعلٍ طبيعية على قيام فرنسا وهولندا ضد الدستور الأوروبي في عام 2005، حيث يمكن قراءة المادة الأولى من الدستور على واجهة المبنى عند إغلاق كافة المصاريع والتي جاء فيها “تأسس الاتحاد على قيم احترام كرامة الإنسان والحرية والديمقراطية والمساواة وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان، بما في ذلك حقوق الأشخاص المنتمين إلى أقليات، وتعتبر هذه القيم المشتركة بين الدول الأعضاء أساساً للمجتمع، حيث تسود التعددية وعدم التمييز والتسامح والتضامن والعدالة والمساواة بين المرأة والرجل.”

من جهةٍ أخرى فإن المبنى لا يلبي فقط معايير الجودة البيئية؛ مثل العزل الإضافي والاختيار الدقيق للمواد وإدارة مياه المطر، إذ بمقدوره علاوةً على ذلك توليد 80 ٪ من إجمالي الطاقة المستهلكة من مصادر الطاقة المتجددة، كما ويجمع مبنى Le Monolith بين التركيبة المكانية عالية الكفاءة والطاقة السلبية، التي تظهر جلياً بالنظر إلى الحواجز الشمسية والاستخدام الحراري ناهيك عن الحماية من مصادر الحرارة والصوت المباشرة.

فقد تم تبني استراتيجية ذكية لاستخدام الطاقة تشمل تخزين الحرارة وإقحام الخلايا الكهروضوئية و التهوية الطبيعية واستخدام الزجاج المدعم منخفض الانبعاثات لخفض نسبة فقدان الحرارة، بالإضافة إلى خلق نظام واجهةٍ سريع الاستجابة للتغييرات البيئية، مما جعل من المبنى إحدى أهم المباني منخفضة الانبعاثات ذات الكفاءة العالية في استخدام الطاقة المنخفضة، فعلى سبيل المثال؛ تبلغ قيمة الطاقة المستخدمة في التدفئة أقل من 40 كيلووات ساعي في المتر المربع سنوياً، بينما تبلغ قيمة الطاقة المستخدمة في تسخين الماء أقل من 5 كيلووات ساعي في المتر المربع سنوياً.

وبذلك يتربع مبنى Le Monolith على عرش أكبر جزءٍ في مشروع Lyon Confluence العمراني، الذي يمتد من وسط المدينة إلى أقصى شبه الجزيرة من خلال إنشاء أحياء متنوعة تشمل مناطق التسوق والترفيه والحدائق العامة والمؤسسات الثقافية والمساكن والمدارس والمكاتب والمرافق العامة المحلية.

إقرأ ايضًا