عندما يفوق التصميم توقعات العميل

6

بما أن مجتمع مدينة بيوريا في ولاية أريزونا الأمريكية قد كان صبوراً بما فيه الكفاية ولمدة عشر سنوات على مكتبته العامة التابعة للمدرسة الثانوية هناك، آن الآوان لينالوا رد الجميل من فريق richärd+bauer، الذي كان مسؤولاً عن تصميم مكتبة سن رايز ماونتين، كبديلٍ عن المكتبة القديمة ذات الطابع المؤسساتي، والتي لم يتمتع زواها بأي مكانٍ لركن سياراتهم، بالإضافة للعديد من نقاط الضعف الأخرى.

طبعاً لم يرتضِ فريق التصميم إلا القيام بعملهم على أكمل وجه؛ حيث أرادوا تقديم مرفقٍ يفوق تصورات وطموحات سكان المدينة، ويتمتع بعناصر تصميمية عملية ومرنة وبمستوى جمالي عالٍ في نفس الوقت.

وهكذا جاءت مكتبة سن رايز ماونتين كمكتبةٍ إقليمية بحتة بمجموعةٍ تترواح أعداد قطعها بمئة ألف كتاب، وخدماتٍ مميزة للغاية، كتقنية تحديد الهوية باستخدام موجات الراديو RFID، بالإضافة إلى غيرها من تقنيات الخدمة الذاتية.

علاوةً على ذلك، تتضمن المكتبة مناطق قراءة مخصصة للبالغين والمراهقين والأطفال، إلى جانب المناطق العامة والمرافق متعددة الاستخدامات، ليبدو هذا المكان كنقطة تجمع والتقاء دافئة ومضيافة وعملية في آنٍ واحد.

هنا تجدر بنا الإشارة إلى أنه قد تم استيحاء التصميم من أمواج بحيرة ليك بليزنت المجاورة، لتنعكس هذه الفكرة عبر المساحات كلها بوساطة مختلف العناصر الوظيفية والمواد التي تم اختيارها بعنايةٍ لتلائم عناصر الشكل والمرونة والوظيفية.

كما يتباهى تصميم مكتبة اليوم بتطبيقه للعديد من التطبيقات البيئية المستدامة، إذ يندمج تصميم المكتبة ككل، وخطوط السقف بشكلٍ خاص، بالخلفية الجبلية الظاهرة من بعيد، خالقاً إحساساً مبهراً بالمكان؛ هذا عدا عن أهمية الغشاء الألمنيومي الذي يغطي السقف من الخارج، في عكس أشعة الشمس خلال أشهر الصيف الحارة.

ولكن هذا لا يعني أبداً أن فريق العمل قد نسي الأيام الشتوية وما تحمله معها من أمطار؛ إذ تم تطبيق نظام لجمع مياه الجريان السطحي من على السقف، ليتم جمع هذه المياه وبشكلٍ مباشر في خزانات خاصة.

علاوةً على ذلك، تم صب الألواح الخارجية الموجودة على الجانبين الشمالي والجنوبي في موقع البناء نفسه، الأمر الذي ساهم في تخفيض تكلفة الشحن التي كان على فريق العمل والعميل تحملها في حال تصينع الألواح خارج الموقع.

أما عن الجدران الزجاجية الموجودة في الجانب الشرقي فقد تم استخدامها عمداً بهدف الاستفادة من الضوء الطبيعي خلال ساعات الصباح، في محاولة لتخفيض استهلاك المبنى للطاقة في أمور الإضاءة الاصطناعية.

من وجهة نظر العميل، يعتبر هذا المبنى أهم دليل على استماع المعماري لطلبات عميله ونسج الأفكار الخلاقة فيما بعد بما يتناسب مع توقعات العميل نفسه، حيث تشكل الجدران الزجاجية المنزلقة بالإضافة إلى الرفوف المدولبة عاملاً هاماً من عوامل توسيع المساحة حسب الحاجة مع المحافظة على نوعية جمالية مميزة في نفس الوقت؛ الأمر الذي أسعد العملاء بشكلٍ كبير.

كما تشكل غرف الدراسة ومداخل الصالة الزجاجية خطاً بصرياً مثالياً، يمكن لمستخدمي المكتبة التمتع به أينما تحركوا في المساحة الداخلية، لتأتي الجدران الواسعة وتسمح للمدينة بعرض مجموعتها الفنية المبهرة، التي تم اختيارها يداً بيد مع المعماري المصمم.

أخيراً وفي إشارةٍ إلى درجات الألوان المستخدمة والمفروشات والتشطيبات الداخلية، نذكر أنها قد فاقت توقعات العميل أيضاً؛ حيث كان من شأنها أن تحث العامة على الدخول والبقاء للاستمتاع بالأجواء المريحة التي لم يحظوا بها من قبل في المرفق متعدد الاستخدام السابق.

فهذا المبنى وبكل اختصار يؤكد على الراحة والديمومة التي تمت ترجمتها في مظهر عصري يجعل منه المحطة الأمثل للتوقف والقراءة أو تصفح الانترنت ضمن بيئةٍ هادئة.

إقرأ ايضًا