منزل مزرعةٍ في تشيلي يستفيد من الطبيعة ويخدمها

2

قامت شركة OPA / Felipe del Río, Federico Campino بتصميم منزل مزرعةٍ ريفية في تشيلي، على مساحةٍ تقدر بـ 200 مترٍ مربع، وذلك سنة 2009.

ويقع هذا المنزل على أطراف سانتياغو في المنطقة الريفية فيها، وتحديداً في وادي Colina. حيث تعم المنطقة هناك روح الطبيعة والبيئة الريفية، لوفرة الخضرة والمساحات الواسعة الطلقة. إلا أن الإمتداد المعماري قد بدأ يمس المنطقة ويكسوها بطابع المدنية، ليخفى بذلك الخضرة منها بلا رحمة.

وعلى الرغم من هذا الإمتداد على حساب الطبيعة، يظل هذا يذكرنا بأولى مبادىء العمارة؛ ألا وهي فكرة إعادة صياغة وتشخيص الريف التقليدي، ليتغلغل العمار إلى أحضان الطبيعة، وينعم كل منزلٍ بشكله الرسمي، وبيئته الطبيعية المحيطة.

وأثناء دراسة أنماط البناء في المناطق الريفية من الناحيتين السكنية والصناعية على حدٍ سواء، تم تقدير مدى اتساع المكان ليكون منزلاً و مزرعة آلاتٍ زراعيةٍ ومخازن ومستودعات في نفس الوقت، بالإضافة إلى ودراسة مدى ارتفاع السعة الداخلية ومرونة الإستخدام، وذلك لبناء وحداتٍ يمكن تحديد مدى إمكانياتها وقابليتها للتمدد، حسب الخطط والبرمجات الموضوعة مسبقاً. وكل ذلك يتم تقيمه بدقةٍ من قبل العميل.

وهكذا كان من السهل ملاحظة عناصر بناء هذا المكان، مما جعل هذه العناصر شائعةً ومألوفةً، رغم كونه الوحيد الذي يستخدمها، ولكنه يعرّفها ويدمجها بالمنظر المحيط بها. حيث تستطيع بنيةٌ تحتيةٌ بهذه المتانة الصمود في جغرافية أراضي الريف. وتبدو أشجار الحور التي تمتد على طول الطريق الداخلي، وكأنها سياجٌ أخضرٌ عالٍ وقوي يحيط بالمنزل. إذ يعكس حجم المنزل ومتانته وقوته ووضوح شكله الظروف المعمارية الطاغية على الوادي.

إلا أن مشروعاً كهذا لم يكن بغاية السهولة، فقد واجهت المصممين مشاكل ومصاعب كثيرة. فعلى سبيل المثال، شكلت ضخامة البناء واتساع صالاته مشكلةً من ناحية التدفئة والتبريد، حيث وجب التفكير بحلٍ يناسب الريف والبنية التحتية الريفية. وهكذا كانت الميزات والمناظر الطبيعية الخاصة بهذا المكان العنصر الملهم للمصممين في كافة نواحي تصميمهم وحلولهم لمشكلةٍ كهذه، والتي تستمد تقاليدها من خصائص الريف، ولكن بمنظورٍ معاصر.

أما الهدف من البناء ككل والذي تعاضدت الجهود لتحقيقه، فقد كان إنشاء بنية منزلٍ متعددة الوظائف، وقابلةٍ للتأقلم مع أي برمجةٍ معدّة. وهذا ما أدى إلى بناء طابقين يحتوي كلٌ منهما إطارعملٍ منفصلٍ ومستقلٍ عن الآخر، مما يكسر الأنماط المتماثلة والمتكررة في البيئات الصناعية التقليدية.

وقد تم تنظيم التصميم الداخلي للمنزل بجمع كل المرافق الخدمية والوظيفية في ممرين في الطابقين، ينفصلان عن بقية الأجزاء والتقسيمات المعيشية للمنزل بجدارٍ من الطوب مضاعف الإرتفاع يقطع المنزل كاملاً. في حين يتم التواصل بين المنطقتين من خلال الأبواب في الجدار. أما الطابق الثاني فيضم ردهةً تطل عليها غرفة المعيشة والشرفة، التي تم التركيز على مساحتها وموضعها المركزي، لتكون مركز تجمعٍ للعائلة. وفي النهاية كان لابد من إضافة اللمسات الأخيرة كالشرفات الثلاث، التي تم وضعها في كلتا نهايتي المنزل، لتأمين إطلالةٍ جنوبيةٍ في الصيف، وأخرى شمالية في الشتاء.

وفيما يتعلق بأنظمة توفير الطاقة والتصميم المتماشي مع الطبيعة، فقد تم توفير الطاقة حرارياً لكلا الطابقين بارتفاعهما الشاهق، بالإضافة إلى نظام عزلٍ حراري لطبقات الجدران السميكة والمزودة بصوفٍ معدني. وهذا ما يساعد في حفظ الهواء الدفئ لأطول مدةٍ ممكنةٍ، وباستخدام أقل قدرٍ من الطاقة لتدفئة المنزل.

ومن الملفت للنظر استخدام الطوب لبناء الجدران ليعطي إحساساً مشابهاً للمزارع القديمة، وذلك لتبريد المنزل في الصيف، مع مراعاة وجود فتحاتٍ للتهوية في كلا الجانبين وعلى ارتفاعين، بهدف خلق تيار تبادلٍ للهواء.

أما أشجار الحور التي تمتد على طول المساحة الخارجية وتنتهي داخل حدود المزرعة فقد خلقت حديقةً كبيرةً للمنزل، تم تصميمها مع مراعاة المنظر الطبيعي المحيط بها، لتبدو كفناءٍ طبيعي بسيطٍ وجميل.

إقرأ ايضًا