Peter Zumthor وبراعته في اختيار مواد البناء

6

على الرغم من تعرضها للدمار الكامل أثناء الحرب العالمية الثانية، تبقى مدينة كولونيا رابع أكبر مدن ألمانيا، وهاهي تعود لتفرض وجودها على الساحة المعمارية من جديد، والفضل في ذلك لمتحف Kolumba من تصميم المعماري السويسري الشهير Peter Zumthor، الذي استطاع أن يطوق المجموعة الفنية النادرة التي تعود لأبرشية الروم الكاثوليك منذ أكثر من ألف سنة، في جوٍ معماري إيماني مذهل.

إذ يرتفع متحف Kolumba على أنقاض الكنيسة القوطية القديمة، دون المساس بتاريخ المكان أو روحانيته، وقد أشار Zumthor إلى ذلك بقوله عند افتتاح المتحف “إن أبناء الأبرشية يؤمنون بالقيم الداخلية للفن، وقدرته على جعلنا نفكر ونستشعر قيمه الروحية، وبذلك فإن هذا المشروع ينبثق من الداخل وحتى الخارج، إنه ابن المكان.”

لقد وضع Zumthor استخدام المواد في اعتباره قبل كل شيء، وعلى وجه التحديد تفاصيل بنائها، وفي المقابل قام باستخدام القرميد لتوحيد الأجزاء المدمرة من الموقع، حيث تتضمن هذه الأجزاء بقايا من الكنيسة القوطية، وآثار حجرية من العصور الوسطى والرومانية، ويزين الجميع معبد “Madonna of the Ruins” أو “سيدة الدمار” بتوقيع المعماري الألماني Gottfried Böhm الشهير آنذاك في فترة الخمسينيات.

كما وقد نجح بدمج بقايا واجهة الكنيسة في واجهة المتحف المعاصر القرميدية، بينما ساهمت ثقوب الواجهة بتوزيع الضوء على مناطق معينة من المتحف، حيث يتبدل الضوء المرقط تبعاً لثقوب الواجهة بتغير الفصول، مما يخلق مشهداً متغيراً دائماً وأبداً.

ويضم المعرض بدوره 16 غرفة معارض مختلفة، بينما يكشف قلب المبنى عن حديقة سرية في الفناء، والتي تصلح كركن هادئ ومعزول للراغبين بالتفكر والتأمل.

أما بالعودة إلى مواد البناء، فيمكننا القول بأنها لعبت دوراً غاية في الأهمية بالنظر إلى مجمل تفاصيل التصميم.

فختاماً تظهر في متحف Kolumba براعة Zumthor بانتقائه المواد المثالية والذي لطالما اُشتهر باتخاذه كامل وقته بالتفكير في مشاريعه ومواد البناء المناسبة، وقد كان اختياره للفنان Petersen Tegl من الدنمارك خياراً صائباً، والذي برع بدوره بصناعة الأحجار القرميدية يدوياً، إذ قام بإحراقها بفحم الخشب بهدف إضفاء صبغة دافئة عليها.

إقرأ ايضًا