لأن العمارة الحديثة العظيمة صعبة الوصول!

12

في الوقت الذي تنتشر فيه العديد من الأمثلة المعمارية الحديثة العظيمة في بريطانيا، تبقى هذه الأماكن مجرد مساحات يمر عبرها المرء؛ كالمطارات والمتاحف والمكاتب وبعض المنازل الحديثة الخاصة، التي تبقى محصورةً في أيادٍ محددة للغاية ولا يمكن زيارتها.

انطلاقاً من هنا وُلدت بادرة “العمارة الحية”… من الرغبة في تغيير مفهوم العمارة الحديثة، حيث أراد القائمون عليها السماح للناس باختبار شعور العيش والنوم وتناول الطعام في مساحة مصممة بأنامل شركات معمارية مميزة، فهكذا فقط سيتمكن الناس من تجريب العمارة الحديثة المريحة والجميلة بأسعارٍ تبداً من عشرين جنيه استرليني للشخص في الليلة الواحدة فقط!

وهذا المنزل هاهنا هو ثالث منزل يتم إنجازه ضمن السلسلة التي تستضيف مجموعةً من المعماريين الكبار لتصميم منازل عطلٍ مختلفة مخصصة للأجرة في أرجاءٍ متنوعة من بريطانيا.

يتفرد التصميم بطابقه العلوي الأسود متعدد الأوجه، الذي يتربع أعلى طابق أرضي زجاجي ليبدو وكأنه قبعة كبيرة.

فتحت اسم “منزل الكثيب” أنجز فريق Jarmund/Vigsnæs المعماري النرويجي خطةً مفتوحةً للطابق الأرضي من المنزل، تطوقه مجموعةٌ من الجدران الزجاجية من كافة الزوايا والجهات.

أما عن السقف المتعرج، فيطوّق الطابق الأول بكسوةٍ من الخشب الغامق الشائع بكثرة في مباني المزارع في منقطة الواجهة البحرية لـ سفولك في إنكلترا، وهو موقع المشروع بالتحديد.

حيث تغطي ألواحٌ معدنية متعاكسة أسطح السقف الخشبي المتعددة، مرتفعةً للأعلى والأسفل حول غرف النوم الأربعة مثلثية الشكل والمكتبة، في الوقت الذي تقوم فيه الكثبان المغطاة بالعشب المحيطة بالمنزل بحماية غرف الطابق الأرضي والتراسات المختلفة من الرياح البحرية القوية.

الجدير بالذكر هنا أن هذا المنزل قد جاء كبديلٍ عن مبنى سابق كان موجود أصلاً في الموقع، وهو منزلٌ مخصص للعطل متاحٌ للأجرة كجزءٍ من بادرة “العمارة الحية” الشهيرة، التي نشرت عنها بوابتنا العربية مواداً سابقة.

لكن المهم في هذا الموضوع، أنه ولنيل إذنٍ بالتخطيط كان على التصميم الجديد أن يحاكي شكل المنازل البريطانية التقليدية الموجودة أصلاً على الشريط الساحلي، وهكذا جاء شكل السقف وطابق غرف النوم ليتلاعب بطريقةٍ ما بالحضور الرسمي لهذه المباني، ويرسّخ في نفس الوقت في ذهن كل من يراه صورةً رومانسية عن العطل في المملكة المتحدة، لا يناقضها سوى الطابق الأرضي الذي تنعدم العلاقة بينه وبين عمارة الطابق العلوي.

إلا أن ذاك الطابع الرومانسي يطغى على التراسات التي تنفتح على كافة الاتجاهات سامحةً للزوار بالتمتع بإطلالاتٍ واسعة، في الوقت الذي يمكن فيه أيضاً فتح الزوايا بوساطة الأبواب المنزلقة؛ مما يؤكد على المظهر العائم للطابق العلوي.

أخيراً في الوقت الذي يطغى فيه استخدام الاسمنت المسلح والزجاج والألمنيوم على الطابق الأرضي، مرتبطةً بذلك بالأرض، يتألق الطابق العلوي بخشبه الصلب وكسوته الغامقة المشابهة للجملونات المحلية والأكواخ الموجودة في المنطقة، وهو سر نجاح هذا المشروع.

إقرأ ايضًا