مكتبةٌ فريدة تتألق في قلب درَجٍ لولبي

3

عند التمعن في هذه الصورة لا يستطيع المرء سوى الإعجاب بهذا التصميم العبقري لهذا الدرج الفريد من نوعه بتوقيع المعماري البرتغالي Manuel Maia Gomes والذي تصطّف حوله رفوفٌ مكتبية مميزة تم تدعيمها بإضاءة خلفية باهرة، حيث يعد هذا الدرج جزءاً أساسياً من مشروع House Antero de Quental.

ويتضمن هذا المشروع تحويل المنزل السابق، الذي يعود تاريخه إلى القرن التاسع عشر، إلى مركزٍ أدبي يضم أعمالاً عريقة للعديد من الكتاّب والفلاسفة والشعراء المحليين والوطنيين، فهو نفس المنزل الذي عاش فيه الشاعر والفيلسوف Antero de Quental منذ عام 1881 حتى عام 1891، أما ومن حوالي 30 عاماً مضت فقد تعرّض المنزل إلى عدّة أعمال تخريبية أدّت إلى تشويه شكله الأصلي، كما وقد تم تدمير الداخل بأكمله ولم يتبقى منه في النهاية سوى الجدران الخارجية.

إلا أن هذا الوضع قد تغير بمجرد مجيء Manuel Maia Gomes واستبداله للجدران الخارجية بهيكلٍ من العوارض والدعائم المصنوعة من الاسمنت المسلح، والتي تم فيما بعد حشوها بأحجارٍ من القرميد الفخاري المجوف، كما وقد تضمنت الأعمال الأولية لهدم عناصر المبنى الحالي الإبقاء على أساسات الجدران القديمة، التي تم إعادة بنائها تبعاً للطرق التقليدية القديمة باستخدام حجر الغرانيت.

وفي النهاية تمت عملية البناء الجديدة، ولكن على نحوٍ يشابه منزل الشاعر القديم، بغض النظر عن التغييرات الحاصلة على الداخل، وذلك بهدف الحصول على غرفٍ أكبر من السابق مع المحافظة على طبوغرافية المنزل الحيوية.

وبالتطرق إلى ناحيةٍ أخرى تستدعي التأمل في هذا المنزل ذي الطوابق الاثنين، نجده يتضمن “برجاً زائفاً” يتألف بدوره من طابقين إضافيين بأحجامٍ ضئيلةٍ يتخللها الدرَج اللولبي الذي يرتفع نحو البرج.

ومن منطلق هذه المساحة المحدودة، قام المصممون بابتكار المكتبة في قلب الدرج والتي تستوعب حوالي 6,000 كتاب، حيث ساعد شكل الدرج اللولبي المستدير بتوزيع الكتب على كافة حناياه، الأمر الذي ساهم بزيادة المساحة المتوفرة والمحدودة نسبياً، كما وتقوم هذه المكتبة بتذكيرنا بكتابات الشاعر العريق الذي عاشر هذا المنزل من قبل من خلال الخطوط المقوسة على نحوٍ غير محدد والتي تملأ المكان والضرورية في الغرفة.

أما بالحديث عن المواد المستخدمة بإعادة إحياء هذا المنزل، فقد قام المصمم بالاستعانة بالمواد التقليدية مثل الحجر والجص مع بعض الإضافات المعاصرة التي تتعلق بأمور تدفئة الطوابق وتهويتها.

وبالنظر إلى الأرضية نجد أنه قد تمت تغطيتها بالخشب المعاد تصنيعه، والذي تم اقتطاعه من عوارض الهيكل القديم، لتظهر الأرضية المصنوعة من خشب الراتنج ذي اللون البنّي على نحوٍ غير نظامي لتتضارب في النهاية مع الجدران والسقف الأبيضين اللون، أما هيكل المكتبة اللولبية فقد تم صنعه من الفولاذ على شكل أسطوانةٍ واحدة تقوم بتدعيم السلالم دون أن تلمس الجدران.

وفي النهاية وقبل أن نخرج من هذا المنزل ونطفأ أنواره، تبقى المكتبة الفريدة تشعّ علماً ومعرفةً في قلب المنزل الفريد، حيث تم تركيب الإضاءة الخاصة بها فوق وإلى الخلف من الهيكل الزجاجي الشفاف، لتقوم بتسليط الضوء على الكتب الثمينة المصطفة على رفوفها.

إقرأ ايضًا