زها حديد تصرّح في نهاية 2014: متحف غريمشو خيبة أملٍ كبرى!

5

كانت سنة 2014 مليئة بالأحداث الصحفية بالنسبة للمعمارية البريطانية/العراقية زها حديد والتي تعرضت فيها لهجومين شرسين حول مبنيين من نفس النوع: إستاديوم كأس العالم 2020 في قطر حيث أثيرت قضية الوفيات بين عمال الإنشاء ومقترح الإستاديوم في اليابان الذي اعترض عليه معماريون يابانيون شهيرون.

وفيما يلي تصريحات للمعمارية العالمية حول أهم القضايا التي تتعلق بشأنها كمعمارية والتي صرحت بها في ميامي أواخر 2014 معلقةً على ما نالها من انتقادات والصعوبات التي واجهاتها ومنتقدةً أيضاً أعمال معماريين عالميين وسلوكهم!

تم عقد جلسة النقاش هذه بين حديد ومدير شركتها باتريك شوماخر وعدد من الصحفيين المختارين في حفل لمبنى 1000 متحف One Thousand Museum وهو برج من 60 طابق في ميامي صممته حديد, ونحن بدورنا في المعمارية نسعى دائماً لإيصال المعلومة المعمارية باللغة العربية من مصادرها.

 

 

تكلمت حديد في الجالسة عن عدة مواضيع أولها كان تعليمها المعماري:

“اعتَقدوا أنّي كنت مثيرةً للمشاكل.” فقد كانت كلية العمارة Architectural Association التي درست فيها حديد في بريطانيا “غير تقليدية” على حد تعبيرها. “الفكرة هي أنك تصبح طالباً وتجد نفسك في موقفٍ تكون فيه طالب سنة أولى ولم تمارس العمارة أبداً من قبل. لقد كنا نقوم بهذا التقديم ولم يكن أحد يستطيع صنع نموذج ولا أحد كان يستطيع رسمَ رسمٍ فقلت أنا “إذا أردتمونا أن نصنع نموذجاً جيداً إذاً لماذا لا تعلمونا كيف نفعل ذلك؟ لأننا لا نعلم. لا يمكننا أن نرتجل.” لقد تعلمت أن أرتجل بعد ذلك! ولكنهم كانوا جيدين جداً بعد ذلك. وبالفعل تحول الأمر من سنةٍ سيئةٍ للغاية إلى سنةٍ قوية جداً.”

“لقد ارتدت الكلية في لندن في وقتٍ كان الجميع فيها مهووسين بالفكرة. حينها كان الأمر أنه إذا لم يكن لديك فكرة فأنت قرد. لقد كنا مطموسين عن العمل المهني. لقد دربونا كيف نبني فكرةً ومفهوماً. لقد كان ذلك دائماً طموحي. وطالما كان للمشروع تركيزٌ مركزي عندها يمكنك أن تكيّف الأمور معه.”

 

 

كذلك تكلمت حديد عن المعماريات النساء:

“يوجد الكثير من النساء في الكلية وأينما ما أدرّس يكون لدي الكثير من الطلاب النساء منذ البداية. عندما بدأت التدريس كان هناك في الغالب صبيان والآن يوجد العديد من النساء والذين يكونون في الحقيقة في بعض الأحيان أفضل الطلاب في الأستوديو. إنه للغزٌ بالنسبة لي ما الذي يحدث لهم بعد ذلك. لا أعلم ما الذي يجري؛ فيما إذا كان الأمر قلة ثقة بالنفس أم ظروفاً صعبة في المكاتب أم غرور أو أنه لا يتم قبولهم. لا أعلم.”

“لا أفكر بالعموم في نفسي دائماً عل أنني معمارية امرأة. لقد قلت مراتٍ عديدة عندما يسألوني الناس “ما هو شعور أن تكوني معمارية امرأة؟” وأنا أقول “لا أعلم، لم أكن رجلاً من قبل.” أشعر أنه يجب أن يتم التعريف بي كمعمارية أولاً. ولكنني الآن أعتقد أنه إذا كان الأمر يخدم كإلهامٍ أو أنه يساعد المعماريات النساء ليستمروا بالدفع للأمام إذاً فلا ما لدي. أينما ألقيت المحاضرات يأتي إلى الكثير من النساء يريدون مني تطمينهم والتأكيد لهم انه رحلةٌ تستحق العناء والمضي بها.”

 

 

أما رأي حديد في ناطحات السحاب فكان:

“أعتقد أنه أمرٌ مثيرٌ للاهتمام للغاية. فالمدن تنمو. والمزيد من الناس يريدون الانتقال إلى المدينة؛ على سبيل المثال يمكنني التحدث عن لندن: لدى لندن سياسة في جعل كل شيء كثيفاً جداً ومنخفضاً جداً في مناطق معينة. ولكن ذلك يتعدى حقاً على الشارع، حيث لديك آلاف الناس في تلك الأزقة وفي الفراغات الخارجية؛ لا يوجد مكانٌ للتنفس. لذلك أعتقد أنه في بعض الحالات يجب عليك التوجه للأعلى. وبالطبع أعتقد أنه من وضعٌ مثيرٌ للاهتمام لأنه لديك مَطلّ ولديك وحداتٌ أكثر كما أنك تخلق خط افقٍ للمدينة.”

“وأعتقد أن أمريكا كانت مهووسة بهذا في الستينيات. عندما بدأوا بالبناء، كان حلم كل مدينة أن تصبح المدينة الكبرى من خلال تكوين خط الأفق الخاص بها. أما في أوروبا فلديهم أبراجٌ أقل، ولكن لندن تصبح الآن أطول وأبراجها عشوائية بعض الشيء. لا يوجد سياسة مخططٌ رئيسي تقول إن “لهذه المنطقة أبراج”؛ إنها تبرز أينما كان.”

“أما في الصين فهم لا يصممون ناطحة سحابٍ واحدة؛ بل يبنون مجموعة، والتي دائماً ما تكون ثلاثة أو أربعة مبانٍ. وهذا أيضاً أمرٌ مثيرٌ للاهتمام لأنه لا يبرز لديك كل شيءٍ بشكلٍ مختلف من جوارٍ لآخر.”

“في أوروبا كانت ناطحات السحاب مرتبطة بمكاتب الشركات. ولكن هذا الأمر تغير الآن لأنني أعتقد أنه يوجد الآن العديد من الناس الذين يريدون أن يكونوا في مبنىً جديد ويريدون أن يكون لديهم الإطلالات وبوّابٌ كما في أمريكا.”

 

 

حول المعماريين الأمريكيين قالت حديد:

“يبني الأمريكيون الكثير في أوروبا. SOM و KPF و Raphael Viñoly جميعهم يبنون أبراجاً ولكننا لا نتملك شيئاً هناك فهم يعتقدون أنفسهم أسياد عمارة الشركات.”

أما عن ناطحة السحاب One Thousand Museum التي بنتها في أمريكا فقد صرحت حديد عن أجرها قائلةً:

“لا نتقاضى الكثير عنها. إنها هديةٌ مني.”

“نظرنا إلى فكرة الإنشاء، لأنه لم يكن أمر تطوير تطور الأفكار من الشكل لوحده كافياً حقاً بما يتعلق بالبرنامج لذلك نظرنا إلى فكرة كيف يمكن أن يتم تصميم المبنى بما يتعلق بالإنشاء؛ فالإنشاء الذي صممناه يسمح لك بأشياء معينة ضمن الفراغ الداخلي، وكيف يتلاقى مع الأرض.”

” إنه نموذجٌ مبتكر فالإنشاء يكمن في ثلاثة طبقات ومن ثم ينقسم إلى اثنتين لذلك توجد شقتان_ ومن ثم يصبح واحدة لذلك فالإنشاء يعكس أيضاً ما في داخل المسقط الخاص بتلك الشقق. ومن ثم في أعلى السطح لديك فراغٌ مزدوج الارتفاع وفراغٌ عام ومسبح.”

“ليس أمر بنائه أصعب بكثير لذاك الحد. أعتقد أن الأمور الوحيدة الصعبة البناء هي الأشياء التي تتحدى الجاذبية والتي تعوم. في أمريكا يوجد عادةً شبكة أعمدة وتكرار طابقي وكانت الفكرة التأكيد حقيقةً على مدخل الإنشاء من الخارج_ لجعل جزءاً من المعادلات ولكنه أيضاً يعمل كجزءٍ من الإنشاء.”

 

 

عندما سُئلت زها عن مبنى متحف Patricia and Phillip Frost للعلوم في ميامي والذي صممه المكتب المعماري البريطاني Grimshaw Architect أجابت:

“للأسف إنه مشروعٌ مخيبٌ للآمال. لا يبدو كمتحف. بل يبدو كمتحف قد يبنيه أحدهم وقت ما كان لديهم فكرة منذ سبعين عاماً. وأعتقد أنه ما كان لغريمشو أن يفعل ذلك. آسفة لكنه بالفعل خيبة أمل؛ تماماً. إنه معماري جيد جداً ولكن هذا ليس بأفضل لحظاته. سيقتلني عندما أعود إلى لندن لكنني لا امانع.”

حول النقد الذي طال مبنى إستاديوم طوكيو من قبل معماريين يابانيين مشاهير ردت حديد:

“أعتقد ان الأمر محرجٌ لهم. هذا كل ما أستطيع قوله. كان العديد منهم أصدقاء لي وبالفعل فإن الذين دعمتهم منهم من قبل أمثال Toyo Ito والذي عملت معه على مشروع في لندن، لقد عرفته لمدة طويلة. أفهم أنها مدينتهم ولكنهم منافقون إذا كانوا ضد فكرة بناء إستاديوم في الموقع لا أعتقد أنه كان عليهم دخول المسابقة.”

“الحقيقة أنهم خسروا هي مشكلتهم، هم لا يريدون أجنبياً أن يبني في طوكيو إستاديوم وطنياً ولكن من جهةٍ أخرى جميعهم عمل في الخارج سواءً كان Sejima أم Toyo Ito أم Maki أم Isozaki أم Kengo Kuma. إن ذلك يحزنني، ما الذي يمكنني فعله؟ فهم مستمرون بالأمر بغض النظر.”

 

 

أم عن كونها خارجية فهذا ما قالته حديد:

“لست جزءاً من شبكة، تلعب في الخارج غولف أو تقوم بالدردشة على قارب مع الاصدقاء. يعتقد الناس أنني أبني المباني الثقافية فقط ولكنني لست كذلك؛ نعم أحبها لأن الطريقة الوحيدة التي كان يمكنني الدخول بها إلى المجال كانت مسابقات المتاحف. لقد كنا محظوظين في ربحها لذلك استمرينا فيها. بالنسبة لي كان ذلك جائزةً رائعة أن أدخل تلك المسابقات وأربحها في بعض الأحيان وأخسرها في أحيان أخرى. ولكنها كانت في أغلبها مباني عامة ولكننا أنجزنا مباني أبحاث للسرطان ومدارس ومنحدرات تزلج ومسابح والآن ننجز إستاديومين في كل من قطر واليابان كما أننا ننجز الكثير من البنى التحتية مثل الجسور ومحطات القطارات، وليس الكثير من الأبراج.”

 

 

عن المشاريع الصغيرة:

“في مكتبنا نحن فخورون بالأشياء الصغيرة العديدة التي نقوم بها. سواءً كانت قطعة مجوهرات أو أدوات المائدة وهي أشياء أسهل في بعض الأحيان. المقياس أمر مثير جداً بالنسبة لي ونحن قادرون أن نعمل وننجز أي مقياس. مشاريع مختلفة أفتخر بها بطرقٍ مختلفة. البعض لكونه للتبرع والبعض لكونه للبرنامج والبعض للطريقة التي نستخدمه بها.

 

 

أما حول مشاريعها المفضلة فكانت تصريحات حديد كالتالي:

“لدي مشاريع مفضلة شخصياً لأنها كانت مشاريع نوعية وقت قمنا بها. محطة الإطفاء فيترا ومتحف MAXXI في روما هذه أبنيةٌ كانت بمثابة ألمٍ لا يصدق في المكتب؛ تلك سنواتٌ لم أنم فيها لأربع ليلٍ متوالية أو أسابيع. لقد كان وقتاً مثيراً للغاية. لذلك أصبحنا نهذي في نهاية تلك الفترة حين بدأت المشاريع المثيرة للاهتمام بالظهور. لقد طورنا الكثير في تلك الفترة مما لم نستخدمه بالضرورة ولكنه أصبح خلفية لمهنتنا.”

 

 

أخيراً صرحت حديد عن علاقة العمل مع باتريك شوماخر مدير مكتبها:

“أقول لا فيقول نعم. أنا ناقدةٌ دائمة في مكتبنا، لقد عملنا معاً لمدة 25 سنة لذلك لدينا نظام يكون فيه لدينا أفكارٌ متشابهة حول المشاريع وكيف يجب أن تتطور للأمام. مع أن الأطفال (في المكتب) دائماً ما يذهبون إليه لأنه يقول نعم على كل شيء.”

إقرأ ايضًا