تم نشر الكتاب المحتفى به للفيلسوف البريطاني روجر سكروتنRoger Scruton “الجمال” Beauty”” باللغة العربية من قبل المركز القومي للترجمة في القاهرة.
الكتاب عبارة عن محاولة للتعريف بما نقصده بالجمال والقول لماذا يعتبر الجمال مهماً ولإظهار مكانته في حياة الكائنات البشرية.
يرى سكروتن أننا نعيش في زمن يتم فيه تجاهل الجمال والإساءة له بشكلٍ متزايد، وفي وقتٍ تبدو فيه أشكال الفن والعمارة والموسيقى متجهةً نحو البشاعة وأحياناً نحو الإهانة؛ وكأن أن هدف العمل الإبداعي أصبح إهانة الناس بدلاً من دفعهم نحو التناغم والسلام.
كتاب روجر سكروتن هو رد فعل لهذه الحالة الحزينة ودفاعاً عن النظرة التقليدية تجاه الجمال كقيمة أساسية ومرشد نحو معنى الحياة.
على عكس النقاشات العديدة الشائعة حول فن الجمال فإن الكتاب يرفض فكرة القيم الجمالية على أنها شيء “ذاتي” وحسب.
إذ وبحسب وجهة نظر سكروتن فإن الكائنات البشرية تتمتع بحسٍ فطري لمتابعة التناظر والانتظام إضافةً إلى حاجة عميقة للشعور بالانتماء لهذا العالم. ويعتبر بناء المنزل بمثابة تمرينٍ يمتد مدى الحياة ولكنمن دون الجمال لا يمكن أن يتم الشروع في مهمة بناء المنزل.
ويعزو سكروتن السبب إلى أنه ومن خلال الجمال يمكننا التواصل مع الآخرين وأن ندعوهم للتوافق معنا ونخلق مكاناً مشتركاً ولأن العديد من المعمارين المعاصرين تجاهلوا أو ازدروا هذه الحاجة للاتفاق لذلك فإن تمتلئ مدننا وأريافنا بأبنية يراها جمعٌ كبير من الناس على أنها وحشية وغير صديقة و—للأرض.
كذلك يربط روجر سكروتن الحاجة للجمال مع تقديرنا للعلاقات البشرية وحسنا بالحرية الانسانية.
ويظهر كيف أن “عبادة القبح” كما سماها قد أثرت سلباً على فهمنا للحب الجنسي والرغبة الجنسية وقدّم نوعاً من الرخص لهذه الأشياء، وكأنه يتوجب على العلاقات الإنسانية أن تُفهم فقط كمسراتٍ سوقية.
وفي النهاية يناقش أننا يجب أن نتغلب على كامل العادة الحديثة في معاملة الناس كأشياء يجب استغلالها إذا أردنا أن نفهم لماذا لا يزال الجمال جزءاً من حياتنا وسبيلاً للخلاص.
فتحديد حاجتنا للجمال لذلك هي الحس العميق أن العالم ليس مجرد أداة لمسراتنا واستخداماتنا وإنما مكان للأشياء المقدسة. ومن خلال الجمال نصل إلى حدود السام والمتعال؛ إلى مكان يشع فيه علينا نور الله على مادية الحياة اليومية.
أخيراً يناقش روجر في النهاية أننا يجب علينا أن نفهم الجمال ضمنا أطر لاهوتية كما فهمها المفكرون المسلمون والمسيحيون في العصور الوسطى أما بالنسبة للمشككين من الأشخاص الحديثين فإن الرحلة إلى الوراء يمكن أن تكون بطيئة وصعبة؛ لذلك يمكن اعتبار كتاب روجر سكروتن بمثابة مساعدة حقيقية لاتخاذ الخطوات الأولى في ذلك الاتجاه.