تصميم بسيط وذكي لمبنى Office Building 810 في إسبانيا

4

بلمسةٍ سحرية من مكتب H Arquitectes القادم من كاتالونيا للتصميم والعمارة، تم كشف الستارة عن مبنى Office Building 810 التجاري في Reus في إسبانيا في حديقة Tecnoparc، ولكن وفي السياق العمراني لم يظهر أي اهتمام بالمبنى وربما يعزا ذلك إلى إمكانية رؤية المبنى فقط من الطريق المتجهة نحو المدينة وفقاً لأسبابٍ تجارية، فقد اقتصر الأمر على تلبية رغبة الزبون الذي أراده مبنىً ذي استخدامٍ منخفض للطاقة، ولكنه ملفتٍ للانتباه في نفس الوقت بمجرد المرور بجانبه.

حيث أدى قرار لجنة تخطيط المدينة القاضي بتقييد أحجام المباني في المدينة إلى جانب وجود مساحات محدودة من مواقف السيارات إلى دفع المصممين إلى ابتكار طابقين تحت الأرض كمرآبٍ لسيارات المبنى وكنتيجةٍ لذلك تم تشييد العديد من الكتل الإسمنتية المسلحة والقيام بالعديد من عمليات الحفر للأساسات الضخمة، على الرغم من طبوغرافية الأرض التي تتناقض وهذه الإجراءات والتي تبلغ فقط حوالي ثلاثة أمتار تحت مستوى الشوارع المحيطة.

ومع ذلك فقد حافظ المصممون على طبوغرافية الأرض الأصلية وكان الحل بأن يحتل المرآب إحدى الطوابق على امتداد أرض المشروع، حيث جاء هذا القرار ليقوم بتوفير حوالي 25% من الطاقة، وبهذه الطريقة يظهر المبنى في النهاية محاطاً بساحةٍ تم تأطيرها بواسطة إطارٍ معدني يمكن الوصول من خلاله إلى المبنى، كما ويتخلل هذا الإطار العديد من الأشجار القادمة من الطابق المخصص للسيارات.

وأيضاً فواجهات المبنى لها نصيبٌ من هذا الإطار المعدني فقد تم تغطيتها بالكامل لتظهر في النهاية على شكل كتلةٍ شفافةٍ رائعة، بينما وبالنظر إلى أن المبنى هو بالأساس مبنى ًمكتبي، فقد ساعدت هذه الكسوة على درء أشعة الشمس خلال فصل الصيف، إلى جانب إعطاءها الأولية للضوء الطبيعي غير المباشر.

حيث ساهمت تقنية الإضاءة هذه إلى جانب الساحات الداخلية الأربعة، والتي اجتمعت سويةً لتشكّل ردهةً واحدةً مستدامة قادرة على تأمين الإضاءة الطبيعية لكافة المناطق الشائعة في هكذا مبانٍ مثل القاعات والبار وممرات الوصول..الخ، وبالأخص إلى مساحات العمل.

كما وتمت مراعاة الهيكل عند تنفيذ المبنى الذي يظهر على شكل نظامٍ جداري مدعم بالصفائح الخشبية، الأمر الذي ساعد المصممين على زيادة سماكة الجدران والأسقف عن طريق هذه الصفائح، حيث تبدو الطوابق العلوية الثلاثة من المبنى على هيئة عارضةٍ هيكليةٍ ضخمة والتي من شأنها تحرير كامل الطابق الأرضي، والذي يجب ومن وجهة نظر ٍتجارية أن يكون عبارة عن مساحةٍ مفتوحة وواحدة.

ولكن وعلى النقيض، تظهر الطوابق المكتبية على نحوٍ متعاقب، الأمر الذي يجعل منها أكثر عمليةً ومرونة في قالبٍ من المساحات المتطابقة والمترابطة، فقد تم تشييد كل جدارٍ في المبنى ليجعل من كل مساحة عمل رئيسية مساحة ًخاصةً بحد ذاتها، حيث تساهم هذه الحواجز والأثاثات بإضفاء الطابع الشخصي على المساحات الداخلية، والتي سوف يتم تأثيثها وتقسيمها نسبةً إلى حجمها.

أما الأمر الملفت للانتباه وبالنظر إلى الهيكل الخشبي عوضاً عن الإسمنتي الشائع، فقد قام المصممون بتوفير نسبة 25% أخرى ولكن هذه المرة من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون خلال القيام بأعمال البناء، كما وسوف يقوم الهيكل الخشبي المميز ككسوةٍ للداخل وبالتالي الاستغناء عن التشطيبات الاعتيادية، أما وبالنسبة لنظام التركيب، فقد تم إيجاد الحل له من خلال ابتكار طابقٍ تقني بهدف زيادة المرونة على آلية العمل.

حيث عمل المصممون على تصميم كامل المبنى بحيث يمكن بناؤه في بيئة ٍجافة وإعادة تفكيكه إلى أجزاء ومن ثم إعادة تصنيعه في المستقبل، كما وتم اختيار المواد المستخدمة في تشييده بحذرٍ على أن تكون طبيعية وصديقة للبيئة ذات طاقة منخفضة ومن مصادر قابلة للتجديد، الأمر الذي يؤدي إلى خفض 60% من انبعاثات الكربون خلال دورة حياة المواد، ويضم المبنى الذكي أيضاً أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف التي من شأنها خفض الطاقة من خلال هذه الأنظمة المنتجة للطاقة ولكن بطريقةٍ فعالة وآمنة.

وأخيراً فقد تم رصد الاحتياجات والتكلفة والاستهلاك من خلال فرضيات تعتمد على نظام خاص للاحتفاظ بالطاقة الحرارية الأرضية، كما واشتركت أنظمة التدفئة والتهوية والتكييف مع أنظمة الضخ الحراري بتأمين الحد الأقصى من متطلبات التدفئة، ليكون الناتج وكما نراه بين أيدينا واحداً من أهم المشاريع المستدامة ذات الطابع التجاري.

إقرأ ايضًا