سنينٌ من الجفاف في السودان والحل ناطحة سحاب

132

يعرف معظم العقلاء وأصحاب الرؤى البعيدة أن حرب الناس المقبلة على كوكب الأرض ستكون أو بالأحرى هي حرب المياه… وفي بلدٍ عانى من الجفاف لسنين طوال كالسودان، قد يبدو الأمل في إيجاد مصدرٍ مائي يحل أزمة البشر شبه مقطوع.

لكن ماذا إن علمتم أن علماءً من جامعة بوسطن الشهيرة قد اكتشفوا في عام 2007 احتواء السودان على واحدةٍ من أكبر البحيرات الجوفية في العالم؛ وبجمع قطع الأحجية مع بعضها البعض قدّم فريق H3AR المعماري البولندي ناطحة سحاب مذهلة تسحب المياه من جوف الأرض وتشكّل بحيرةً اصطناعية على سطحها!

والجدير بالذكر هنا أن بحيرة دارفور الجوفية تغطي مساحة 19,110 ميلاً مربعاً، الأمر الذي يمكّنها من استعادة السلام إلى الإقليم الذي شلّه الجفاف، ويؤكد في نفس الوقت أن إمكانية الوصول إلى كل تلك المياه ليست بالأمر المستحيل على الرغم من صعوبته.

يهدف برج H3AR المائي لاستغلال هذا المصدر المائي عبر طريق التصميم الجيد والإدارة المائية الفعالة، حيث ستعمل ناطحة السحاب المميزة هذه كمشفى ومدرسة ومركزٍ لتخزين الطعام، والأهم من ذلك كله، ستكون عبارة عن مركزٍ لتخزين المياه.

أما عن شكل المبنى فيشبه إلى حدٍّ ما شجرة الباوباب، المعروفة باسم “الشجرة المقلوبة”، ويحتضن داخله مضخاتٍ مائية ووحدةً لمعالجة المياه، حيث تأخذ المضخات المياه من المنقّي وتضخها عبر المبنى لتسخّنها وتبرّدها، وأخيراً تخزّنها في مركز المبنى نفسه.

الجدير بالذكر هنا أنه من الممكن لمستخدمي المبنى الوصول إلى هذه المياه، التي سيتم تدويرها ومعالجتها في وحدة المعالجة، وسيتم بناء الأبراج الثلاثة التي تتضمنها خطة H3AR من بلاطاتٍ مكدسة من القش المجفف، الذي سيتم تصنيعه في موقع المشروع نفسه.

لم هذه المادة وهذه الطريقة؟

إليكم الإجابة؛ أولاً يمكن تصنيع مادة البناء هذه محلياً، ثانياً هي مواد مستدامة ومرتبطة بالمجتمع المحلي، إذ ستُصنع البلاطات من مزيجٍ من التراب والاسمنت والماء، أما عن شكل الأبراج فله عدة فوائد؛ إذ من شأنه إلقاء ظلٍ مديد على الأرض، هذا عدا عن أهميته في تحسين المناخ الجزئي الذي سيُخلق بين الأبراج والبحيرة الاصطناعية الجديدة، التي ستساعد على خلق جوٍّ من الألفة وسط هذه البيئة الإفريقية القاسية.

وفي الوقت الذي يبقى فيه تصميم H3AR مجرد مفهومٍ تصوريٍّ، يؤمن المشروع ناقوساً يذكّر الجميع بأن التصميم الجيد يمكن أن يكون له عواقب بعيدة المدى.

لكن في النهاية لا يمكننا إلا أن نشكر جهود علماء جامعة بوسطن الأمريكية، متسائلين في الوقت عينه عن السر الذي يجعل خيرات وثروات الدول في معظم الأحيان تحت يد الغير… فهل يا تُرى فاتت مسألة دراسة الثروات الباطنية في السوادن على علمائه أم ماذا؟

إقرأ ايضًا