عهدٌ جديد من الفنادق في الهند

23

تم الكشف مؤخراً عن شراكةٍ مميزة ما بين مجموعة تاج للفنادق والمنتجعات والقصور وما بين شركة WOW Architects + Warner Wong Design المعمارية، حيث جاء فندق Vivanta العلامة الجديدة في مدخل المجمع التقني العالمي في Whitefield، وهو عبارة عن مركز المعلومات التقنية الأبرز في الهند، ليمثل بوابةً للعبور من الحديقة التقنية إلى المدينة المتنامية حوله.

حيث يتجاوز هدف Vivanta تلبية مطالب رجال الأعمال القادمين إلى Whitefield، نحو تقديم الفندق على أنه مركزٌ اجتماعي وثقافي معاصر للحديقة التقنية وسكان Whitefield على حدٍ سواء، ويحتضن الفندق بذلك ثقافة ومناخ Bangalore، إذ اعتمد فريق العمل هنا استراتيجية محددة في اللعب على العلاقة التي تربط المساحات الداخلية والخارجية.

وبإمكاننا ملاحظة الاندماج بين المساحات الخاصة والعامة وكأنها تجربةٌ مكانية لا نهاية لها، جنباً إلى جنب مع الملامح المتميزة التي تطغى على الثقافة السينمائية في الهند، والتي تشير هنا إلى حركات اللف والدوران والتي تعتبر من أشهر أشكال الرقص التقليدي الهندي.

إن هذه التجربة السلسة الناجحة استطاعت أن تذيب الحدود ما بين الداخل والخارج، فضلاً عن الحالة الاجتماعية والثقافية المتأصلة في الفندق الفاخر من خمسة نجوم، والتي ساهمت بدورها بتشجيع التفاعل والتبادل ما بين نزلاء الفندق والسكان المحليين القادمين إلى منتزه الفندق العمومي.

ولكن في المقابل واجه الفندق تحدياتٍ تتعلق بالقيود المفروضة على الارتفاع ونسبة تغطية الموقع، ونجح في ابتكار “ناطحة أراضي” بدلاً من ناطحة السحاب التقليدية، لتحقيق أقصى قدر من تغطية الموقع، وتحويل أرضه إلى شريط موبيوس، والذي من شأنه تشكيل منصة الفندق، حيث تقوم تقلبات وطيات هذا الشريط بتوسيع المساحة.

إذ نلاحظ وقد تلاشت المنصة كلما تراجعت الأرض نحو الأرض المطوية بشكلٍ ظاهري، وبالتالي غياب الحدود ما بين العمل المعماري والداخل والأراضي الطبيعية، كما ونلاحظ انبثاق الكتلة من ثلاثة طوابق من قلب الأرض إلى الأعلى، لتلتف في طريقها حول كامل الموقع، وترتفع في الجو مطوقةً في حناياها 200 غرفة.

فمنذ البداية كانت شركة الفنادق الهندية المحدودة IHCL إلى جانب فريق العمل حذرةً تجاه قيود البناء المحلية، واستطاعت أن تحتضن عيوب التصنيع كجزءٍ من الملامح الجمالية الخام والريفية التي طغت على تشطيبات الفندق، وتشمل هذه التشطيبات ضربات المطرقة، التي جاءت لتعزز أو تخفي في بعض الأحيان الإسمنت المكشوف، بينما وفي المناطق التي يتعذر فيها استخدام الإسمنت، تمت الاستعانة بالأكياس الخام أو الألواح الخشبية البسيطة أو الحجرية، وبالعودة إلى الإسمنت، فقد تم إقحام “خطوط متدفقة” في الأسطح الإسمنتية الداخلية والخارجية، والتي تمثل هنا علامة Vivanta، بهدف تجنب أو إخفاء الوصلات التقليدية الشائعة.

من جهةٍ أخرى فقد تمت الاستعانة بالمواد المحلية في داخل الفندق وخارجه على حد سواء، كبديلٍ عن الانبعاثات الكربونية التي ترافق عادةً المواد المستوردة من خارج جنوب الهند، أما الواجهة التي تحجب وراءها غرف الفندق، فقد تم تصميمها بوحيٍ من الموقع القديم قبل تطويره، حيث نُقلت صورة المناظر الطبيعية الخصبة على الواجهة رقمياً، ليظهر المبنى وقد اندمج مع الأراضي الطبيعية الخضراء والسماء الزرقاء إلى الأعلى.

كما وقد استقى تصميم الفندق عامل استدامته من الأراضي الطبيعية المحيطة به، حيث نلاحظ بأن هذه الأراضي الخضراء نفسها باتت تشكل سقفاً أخضر بهدف خفض الحرارة، وذلك من خلال إضافة العديد من الخواص المقاومة للحرارة، بالإضافة إلى تبريد المساحات تحت المنصة، من جهةٍ أخرى بإمكان هذا السقف جمع مياه الأمطار وتوجيهها من جديد لإعادة استخدامها في ري الحدائق.

جنباً إلى جنب، يقوم الزجاج العاكس للضوء مع الزجاج الداكن والفاتح بتأمين حل تقني منخفض للواجهة، يتجاوز تخليد الموقع الأصلي، ليحقق قيماً إجمالية لنقل الطاقة الحرارية، دون أن يحجب الإطلالة الساحرة التي تحظى بها غرف النزلاء.

وننتقل بكم إلى الداخل الذي يعتبر امتداداً للأراضي الطبيعية، حيث ذابت الملامح المعاصرة لعلامة Vivanta مع المشاهد الطبيعية المحيطة، وبمجرد دخولهم الردهة، لا يلحظ زوار الفندق أي فرق ما بين الخارج والداخل، وكأنهم في حديقة داخلية، كما يحظى نزلاء Vivanta بتجربة لا تنسى في قاعات الاحتفالات، حيث تغمر الجدران المكان حتى السقف مطوقةً الضيوف بما يشبه مداخل القصور، إذ عادةً ما يرافق هذا المشهد المناسبات الهندية، حيث تقوم هذه الجدران بامتصاص الأصوات مما يسهم براحة نفسية تلقائية.

بينما وإلى القرب من الردهة وأماكن النشاطات الأخرى، يوجد هنالك المطعم المفتوح دائماً، والذي يقوم إلى جانب تقديمه أشهى الوجبات الهندية، وبالاستعانة بالمساحة الطويلة والضخمة نسبياً، بربط العديد من الساحات والحدائق والتراسات وحوض السباحة الرئيسي، في حين يتميز المطعم من جهة أخرى بسقفه الديناميكي، الذي يتفاعل سطحه المتموج على نحو رائع مع النشاط الذي يعم أجواء تناول الطعام عادةً.

ويضم البوفيه من جهته سلسلةً من محطات الأطباق الآسيوية، التي تلتف وتنثني وتتدفق فيما بينها مع الجدران والسقوف، وكأنها عينةٌ معمارية ولكن جاهزة للأكل، أما وإلى جانب البوفيه، يقبع Terracotta؛ المطعم الشهير المتخصص بالأطباق الهندية من الشمال الغربي الهندي، ويكشف بدوره عن غرفة طعام ومطبخ مفتوح إلى جانب فناء كبير لتناول الطعام، حيث بإمكان الضيوف الاستمتاع بطقس Bangalore اللطيف، أما المطبخ فيأتي على شكل خلفية للمطعم، حيث يوجد فرن لإعداد الخبز ومعداتٍ أخرى ومشواة والتي تصبح جميعها كشباك عرضٍ خاصٍ بالضيوف.

وكما بقية المساحات نلاحظ بأن عناصر الأرضية تتدفق من الساحة الخارجية وحتى غرفة الطعام، ومن ثم تلتف حتى السقف، الأمر الذي يكشف عن انتقال سلس بين المساحات الخارجية نحو الداخلية.

بالعودة إلى غرف الفندق، فإنها تعتمد على مفهوم الطوابق العلوية في الشقق الصغيرة العمرانية، وتؤمن أيضاً كافة احتياجات رجال الأعمال المتنقلين وبكفاءة عالية، وقد تم تصميمها على شكل مساحة مفتوحة، حيث تبلغ كل غرفة مساحة 28 م2، والتي تم تقسيمها لتضم غرفة النوم وخزانة وزاوية للقراءة وزاوية للاسترخاء، إلى جانب حمام مضاء طبيعياً وحمام عادي وأخيراً وليس آخراً مرحاض زجاجي مغلق.

أما بقية التجهيزات مثل التلفزيون والبار الصغير وركن المجلات جنباً إلى جنب مع أنظمة التشغيل السمعية البصرية، فقد تم تثبيتها على الجدار في كل غرفة.

من جهة أخرى تحظى غرف الفندق بإضاءة طبيعية بالإضافة إلى استغلال كامل المساحة، التي تتميز بدورها بانفتاحها وإضاءتها المميزة وقد تم تعزيز هذه الخصائص من خلال التجهيزات التي ذكرناها مفصلاً إلى جانب تشطيبات الغرفة الرائعة، حيث يبرز السرير، كونه المعلم الأساسي في غرفة النوم، على أنه عامل توزيع للمساحة، والذي يضفي سلاسة متناهية ما بين بقية الأجزاء.

أخيراً فإن شكل الفندق النهائي ووظائفه المتعددة التي استطاعت أن تندمج فيما بينها، أدت لخلق تجربة حسية ومكانية تحمل من المعاني الشيء الكثير، ساهمت في تجسيد علامة Vivanta، والتي فتحت بدورها المجال أمام عهد جديد من تصميم الفنادق في الهند.

إقرأ ايضًا