تصميمٌ ذكيٌّ يتحايل على المساحات الصغيرة

8

تطبيقاً للقول المأثور “الحاجة أمُّ الاختراع”، تحاول الكثير من شركات العمارة حول العالم أن تجد حلاً لمشكلة المساحات الضيقة وخصوصاً في ظل الأزمة السكانية الخطيرة التي تشهدها بلدان العالم. ولكن كيف إذا كانت هذه الأزمة موجودة في إحدى المناطق التي ماتزال حتى الآن ترزح تحت وطأة مأساة القنبلة الذرية التي شوَّهت معالمها وشرَّدت شعبها؟

إنها مدينة هيروشيما اليابانية.

في جهدٍ لبثّ إحساسٍ بالحرية، قام مكتب العمارة الياباني Suppose Design Office بتصميم منزلٍ جديدٍ في منطقة Minamimachi في هيروشيما، يأتي فيه التصميم المعماري من عددٍ من الطوابق المبنيةٍ فقط لزيادة مساحة الأرضية.

ولأنه مصمَّمٌ ليتجاوز نسبة مساحته المخصَّصة له، يأتي كلُّ طابقٍ متذبذباً في شكله. بينما تعمل العناصر المنزلقة كعناصر تصميمٍ خاصةٍ بالإنارة، لتوزع الضوء على البيئة الخارجية. الجميل في الأمر أنه كان بإمكان مكتب التصميم أن يغيِّر شكل كلِّ طابقٍ بحريةٍ تامةٍ تبعاً للهدف المراد منه، محولاً إياه إلى مساحةٍ ذات حسٍّ بالمسافة والأبعاد، للحفاظ على الخصوصية حتى في المناطق العمرانية المزدحمة حيث تكون الوحدات السكنية قريبةً من بعضها، مما يخلق في نهاية الأمر مساحة معيشةٍ منيرةٍ.

بالنسبة إلى مساحة منطقة موقع المسكن فهي تبلغ 55 متراً مربعاً فقط، وتأتي بشكلٍ مربعٍ. بالإضافة إلى هذا، ولأن منازل المنطقة تستقر على مسافةٍ قريبةٍ من بعضها البعض، فإنه من الصعب جداً أن يكون هذا المنزل منفتحاً على الخارج مع الحفاظ على خصوصيته في نفس الوقت. ولكن لكل مشكلةٍ حلٌّ في هذا التصميم الذكي.

حيث يُحاط هذا المنزل بكسوةٍ إسمنتيةٍ متوازنةٍ لخلق سلسلة من التراسات المثلثيّة بين الجدران الداخلية والخارحية. حيث تم ملئ المساحات الموجودة بين الجدار والمنزل بالفولاذ المخرَّم على الطابقين الأول والثاني، مما يخلق تراساتٍ تسمح بدخول الضوء الطبيعي إلى الفناءات الواقعة في الأسفل.

أما غرف المنزل، فهي تستقر عند زاوية الجدار المحيط، مما يعطي التراسات والفناءات شكلها المثلث المميز. وقد تم صنع الجدار الخارجي من الإسمنت المسلح، بينما يأتي المنزل على شكل تركيبةٍ من الإطار الفولاذي. ولأنه مصمّمٌ من أجل زوجين وولديهما، يمتلك المنزل مصفاً للسيارات وغرفة نومٍ رئيسيةٍ وقاعة مدخل على الطابق الأرضي.

أما الطابق الأعلى، أي الطابق الأول، فهو مؤلفٌ من مطبخٍ ومساحة معيشةٍ، لتأتي غرف الأولاد على الطابق الثاني.

يستقر هذا المنزل في مكانٍ مايزال يتمتع بشارع تسوِّقٍ قديمٍ والعديد من المنازل، مما يضفي عليه لمسةً اجتماعيةً وحركةً نشيطةً متميزة.

علاوةً على هذا، يُعتَبر التصميم الفريد للمنزل على أنه علاقةٌ خاصةٌ بين المبنى وعناصره الخارجية. فهناك أيضاً المزيد من الجدران على طول الموقع، وظيفتها تأمين تغطيةٍ كاملةٍ للمسكن الممتد على مساحة بناءٍ قدرُها 29 متر مربع فقط.

أما أكثر ما يميز المنزل فهو استقراره عند زاويةٍ دون موازاة الجدران الخارجية والموقع. فمن خلال الفجوة بين الجدران والتركيب الداخلي، يدخل ضوء الشمس بشكلٍ جيدٍ ليعكس المساحة الواقعة ما بين الكتلتين.

هذا عدا عن امتلاك هذه الجدران وظيفةً إضافيةً تتمثل في خلق وضعٍ ضوئيٍّ جيدٍ وبيئةٍ أكثر انفتاحاً على الخارج، مع التركيز على حماية خصوصيته بدون شك. ولزيادة المساحات السكنية، نجح التركيب الخارجي في شمل وتجسيد منطقة الفجوة كجزءٍ من المساحة السكنية.

وبسبب إعادة تصميم العناصر الخارجية التي تبقى عادةً كمواد منفصلةٍ عن المنزل، يمكن للمسكن أن يخلق بيئةً حياتيّةً أكثر غنىً مع عناصر خارجيةِ مرتبطةٍ ببعضها جيداً.

ففي هذا التصميم البارع تلّخص إبداع شركة Suppose في خلق كتلةٍ مصمتةٍ تماماً من الخارج ولكن بأجواءٍ غايةٍ في الانفتاح من الداخل، بالإضافة إلى استفادتها من المساحة الصغيرة بخلق فراغٍ داخليٍّ يعجب من يتواجد فيه لاتساعه وانشراحه.

إقرأ ايضًا