الناطحات: الأجمل والأكفأ

11

تثير المباني العالية، المعروفة باسم “ناطحات السحاب”Skyscrapers ، قدراً عالياً من الاهتمام من قِبل كثر من الناس. فهي بعلوها الشاهق، تدلل على الإضافة الواضحة والملموسة التى أغنى بها الإنسان بيئته المحيطة.

إنها مثيرة ومدهشة في حالتين، في حالة النظر إليها، وفي حالة النظر منها. ففي الأولى تظهر بطوابقها المتشابهة، غير القابلة للعد، وكأنها تمثيلاً لإرادة نزعت، بتعمد، إلى إضفاء فرادة مميزة إلى معالم البيئة المبنية. وفي الثانية، تغدو شواهد البيئة المبنية ذاتها، قابلة لأن “تمسك” جميعهاً مرة واحدة، بل و”الاستحواذ” عليها، مرة واحدة أيضاً، وهي ترى من علٍ.

ولئن كانت حقيقة ملكية الأرض، تتحدد بأبعاد معينة موقعة على الأرض، فأن مدرسة شيكاغو المعمارية في نهاية القرن التاسع عشر، استدلت إلى”حقيقة” أخرى، وهي أن الفضاء المغطي لأبعاد رقعة الأرض إياها، يمكن أن يكون، هو الآخر، “ملكاً” خاصاً، أيضاً، ارتفاعه الذي يمكن أن يصل على امتداد البصر، وقد يبلغ حد “السماء”! وهو أمر “أُسس” فكرياً لظهور المبنى المتعدد الطوابق.

وقد وجد أن صياغة تكوين هيئة المبنى المتعدد الطوابق، تنتج تلقائياً من حصيلة تأثيرات طبيعة المهام التي تنجزها إحياز تلك الطوابق، وهو ما حدا بالمعمار “لوي سوليفان”، أحد مؤسسي مدرسة شيكاغو المعمارية ومفكرها البارز، لأن يصرح بأن “الشكل يتبع المضمون”. وهو تعبير بات، لعقود، محدداً لأسلوب تنطيق تصميم واجهات المباني العالية: مباني ناطحات السحاب!

مرّ التاريخ المعماري لمباني ناطحات السحاب، على محطات عديدة، قبل أن يرسي في الوقت الحاضر، عند مقاربات ما بعد الحداثة. إنه تاريخ مشوّق من التجارب، والإنجازات والنجاحات، وحتى الإخفاقات، لكنه على أي حال، تاريخ صاخب، انطوى في جانب كبير منه، على كثير من تنويعات في “الفورم” التصميمي.

لقد ابتعد هذا الفورم كثيراً عن ما كان يعتبر نهجاً “ثابتاً” و”أساسياً” في صياغة واجهات ناطحات السحاب. ذلك النهج الذي حددته يوماً ما مقولة “لوي سوليفان”. ولم يبخل النقاد، فيما بعد في لصق كثيرٍ من الأقاويل العادلة وأحياناً… الظالمة، ضد تلك المقولة التي هيمنت على “سوق” الصياغات التصميمية لفترات زمنية طويلة.

إذ سعت تلك التقولات إلى النيل من “صدقية” مقولة سوليفان، ودحضها؛ هي التي لطالما اعتبرت مرجعية “مقدسة” للكثير من المصممين المتواجدين في أنحاء مختلفة من العالم. وشاهدنا، الكثير من التهكمات الساخرة عن مغزى تلك المقولة المجنحة، وما ترمز إليه. وقرأنا “باروديا”Parody هجائية عنها لدى كثر من المعماريين والمنظرين والنقاد.

فهي عند بعضهم تقرأ هكذا:؛ وعند آخر ؛ وعند ثالث ؛ ويتساءل بإجابة رابع ؛ لكنها عند محرر “النيويورك تايمز” مجرد إعلان عن وعند الناقد “بيتر بليك” فإن .

إن تنويع ثيمة لغة عمارة ناطحات السحاب، صاحبه دوماً، هجرة هذا النوع وانتقاله من بلده الأصلي: الولايات المتحدة الامريكية، إلى مناطق عديدة من العالم. بعضها لم يعرف تاريخها البنائي، من قبل، على مثل هذه الممارسة التصميمية.

ومع هذا، فقد ساهم كل ذلك في ترسيخ هذا النوع من المباني في المشهد، وأكسبه، من ناحية أخرى، تشكيلات مدهشة، طالت نوعيات أسلوب معالجاته التصميمية، انطلاقاً من اختلاف ذائقة “الآخر” الجمالية والفنية. في بعض الأحيان، عدّ حضور ناطحات السحاب، في المكان والزمان المحددين، بمثابة منزلة تشيب الهيبة أو بالاعتبار، وحتى بالنفوذ، للمالك، أو ما يعرف الآن، بـ “المطور”، بل وحتى للبلد الذي تنهض فيه مثل تلك المباني.

ثمة تنويع لافت، يشهده المرء في عمارة ناطحات السحاب اليوم. إنه تنويع في اللغة المعمارية، وفي العلو، وفي المواد، وحتى… في الأوهام، التي تقف أحياناً، وراء تبرير وجود هذا النوع من المباني. في الوقت الحاضر، تمنح جوائز عديدة لمباني ناطحات السحاب، إن لجهة لغتها التصميمية الفريدة، أو لإنجازها الانشائي المميز، أو لموادها المعبرة.

وتوجد مؤسسات عديدة الآن في العالم تسعى وراء تقييم ما يظهر في المشهد المعماري من أبنية متعددة الطوابق. ومن ضمن تلك المؤسسات، “مجلس المباني العالية والموئل الحضري”، وهي منظمة ذات اعتبار، مقرها الآن في معهد إلينوي التكنولوجي في شيكاغو/ الولايات المتحدة.

يمنح “المجلس” جوائز سنوية، لأحسن نماذج المباني المتعددة الطوابق المشيدة في أنحاء مختلفة من العالم. كما يصدر المجلس كتاباً سنوياً عن جوائزه. ومن كتابه الصادر في 2012، عن جوائز سنة 2011، نستل بعض المعلومات التى سترد لاحقاً في مقالنا هذا(*).

تتعاطى المسابقة التي ينظمها المجلس سنوياً، مع مجمل الأبنية المتعددة الطوابق المشيدة حديثاً في العالم، مقسمة إلى أربع مناطق جغرافية، وهي : الأمريكيتان، وأوربا، وآسيا مع أستراليا، والشرق الأوسط مع إفريقيا. وثمة معايير محددة، يتعين أن تتوفر في المبنى المرشح للجائزة. وهي معايير تتناول مختلف الجوانب المعمارية والتخطيطية والإنشائية والخدمية.

وتشترط المعايير أن يكون المبنى المرشح قد تم تشييده بالكامل، ومستغل من قبل شاغليه؛ كما تهتم في حضور التكامل فيما بين المنظومات الداخلة في عمارة المباني العالية، مثلما تعير اهتماماً إلى موضوع الاستدامة، وتجديد استخدامات المواد، وأمور تخفيض الطاقة وإيجاد المصادر البديلة، وتبيان السعي وراء تخفيض استهلاك الماء والانبعاثات.

كما تعطي المعايير أهمية خاصة إلى علاقة الجمهور وصلته بالمبنى المتعدد الطوابق، وما يدره اقتصادياً للساكنين والمالكين وأفراد المجتمع المحلي. وأخيراً، تشترط المعايير إحراز أعلى مستوى من التميز والتفوق في عمارة المبنى العالي، وأن يكون الأخير، علامة مميزة في إثراء البيئة الحضرية المبنية التي يتواجد فيها.

ثمة أنواع مختلفة من الجوائز، تمنح، عادة، لكل منطقة جغرافية. وهي جائزة (الفائز)، وجائزة (الدور النهائي)، وجائزة (المرشح). والأخيرة يمكن أن تعطى لمبانٍ مكررة، بخلاف الأولى والثانية، فإنهما تمنحان لمبنى واحد محدد.

يتعذر، بالطبع، هنا في هذا المقال، تغطية جميع المشاركين في تلك المسابقة التي ينظمها المجلس، تغطيةً كاملة. ولهذا سنقتصر حديثنا على منطقة جغرافية معينة، هي منطقتنا: منطقة الشرق الأوسط مع إفريقيا. لقد منح المجلس جوائزه لعام 2011، إلى 12 مبنى في هذه المنطقة، عشرة منها تقع في منطقة الخليج، وسبعة من العشرة تقع في الإمارات العربية المتحدة لوحدها، ما يدل على رسوخ مكانة الدولة الخليجية في خريطة العمارة العالمية، وتحديداً النشاط العمراني لناطحات السحاب.

نال المبنى المسمى “إندكس” The Index، الواقع في دبي/ الامارات، بالجائزة الأولى: جائزة الفائز. (انتهى من تشييد المبنى في مارس 2011، ويصل ارتفاعه إلى 326 متراً، وعدد طوابقه 80، الاستخدام الأساسي: سكن/ إدارة؛ الاستخدام الثانوي: بيع بالتجزئة. المالك: العقارات المتحدة، المعمار المصمم: فوستر وشركاؤه ).

في بيانها أشارت لجنة التحكيم، بأن مبنى إندكس “يُعتبر نموذجاً لتطوير البيئة المبنية المستدامة ونموها في منطقة الشرق الاوسط، مثلما أيضاً لبقية المناطق المتشابهة بيئياً في أنحاء العالم. ورغم النزعة الاختزالية (المينيمالية) للتصميم، فإن البرج يؤكد مرةً أخرى، قدرة المبنى الحديث في لفت الانتباه لجهة الاستفادة من نقاط القوة في بيئتها الطبيعية.

إن الخصائص المميزة للبرج، هي في الواقع، تكامل بارع ولبيب للإحياز ولأشعة الشمس والظلال، بغية التقليل من الطاقة المكتسبة”. وقال عنه احد المحكّمين، وهو “محمد العبار” رئيس مجلس إدارة : “قليلة هي المباني في الشرق الأوسط، القادرة على دمج الجوهر الحقيقي للبيئة المبنية المستدامة، مثلما أداها برج “إندكس”، ولكن من دون المساومة على معاييره الجمالية”.

وحاز مبنى “رولكس تاور” في دبي أيضاً، على جائزة (الدور النهائي). (انتهي من تشييده نوفمبر 2010، ارتفاعه: 247 متراً، عدد الطوابق: 59 طابقاً، الاستخدام الأساسي: سكن/ مكاتب، المالك والمطور: أحمد صدقي وأبناؤه، المعمار المصمم: سكيدمور، أوينغس وميريل SOM).

يقول عنه أحد المحكّمين “..يبدو “رولكس تاور” في معرض “وحوش” المباني العالية عند شارع الشيخ زايد، وكأنه لحظة حاسمة للثقة الرصينة”. في حين وصفه محكّم آخر “يبدي صمت محبب، في بيئة دبي الغريبة للأبنية العالية، هو الذي يعكس دقة التفاصيل والصفاء العالي، الذين يتوقعهما المرء من مبنىً، يستعير سماته من خيرة صناع الفرجة!”.

أما لجنة التحكيم فقد جاء في حيثيات قرارها مايلي “يتخذ رولكس تاور مكاناً بارزاً في وفرة المباني العالية الموقعة في شارع الشيخ زايد. وقد جاء المبنى كنسمة طازجة في ضجيج الأبراج المتنافسة على لفت الانتباه لها. وينهض المبنى ذو الفورم النظيف، المعمول بتفاصيل دقيقة، إلى الأعلى بطريقة هادئة لكنها فعالة. إن واجهته المنشورية اللماعة تتوهج في شمس دبي، في حين يضيف الخزف المزخرف الذي يكسو الواجهات، عمقاً وطابعاً مميزاً إلى المبنى”.

أما جوائز فئة المباني المرشحة، فقد منحت إلى ثمان ناطحات سحاب، بضمنها المقر الرئيس لـ “لدار العقارية”، ومبنى “بوابة العاصمة”، ومجمع “أبراج الاتحاد”، و”برج السماء” و برج “U- Bora” وكلها في الإمارات المتحدة، بالإضافة إلى “برج البابطين” في الكويت. والأخير فرغ من تشييده في مارس 2010، ارتفاعه 189 متراً، عدد الطوابق 42 طابقاً، الاستخدام الأساسي: مكاتب، الاستخدام الثانوي: البيع بالتجزئة، المالك/ المطور: عبد العزيز البابطين، المعمار المصمم: NBBJ (أمريكا).

اعتمدت الفكرة التصميمية لمبنى البابطين على توظيف سعفة النخلة، (التي ترمز إلى التراث الكويتي، كما ترمز إلى المحبة والضيافة، وفق ما جاء في شروح المصمم)، كجزء مهم في العناصر التكوينية المشكّلة لفورم المبنى. ثمة “شاشة” زجاجية، تنهض نحو الأعلى من أسفل المبنى مغطية واجهة المبنى، وتبتعد عنه في القمة، كاشفةً بهذا “كتلة” المبنى المنشورية. وغطاء شكل السعفة الذي يغطي واجهات المبنى من ثلاث جهات ( الجنوب، والجنوب الشرقي والغرب)، هي في الواقع خلايا فوتوفولتية، تزود الإنارة الليلية بالطاقة، موضوعة ضمن خطوط مقسمات النوافذ.

ولئن تكلمنا، سابقاً، عن إغفال ما كان سائداً ومألوفاً في صياغة واجهات ناطحات السحاب، التى أرستها مدرسة شيكاغو، ممثلة في مقولة “لوي سوليفان” ، فإن معمار مبنى المقر الرئيس لـ “الدار العقارية” في أبي ظبي/ الإمارات، يذهب بعيداً في “قطيعته” التكوينية، خالقاً فورماً لم يكن أحد من قبل، أن يتصور مثيلاً له، منذ أن ظهرت المباني العالية في الممارسة المعمارية الحديثة.

فالمبنى (الذي اكتمل تنفيذه في أكتوبر 2010، وبارتفاع يناهز 110 متراً، وبـ 23 طابقاً؛ الاستخدام الأساس: مكاتب، المالك/ المطور: الدار العقارية، المعمار المصمم: MZ Architects (لبنان)، يبدو وكأنه قرص لشمس طالعة.

لقد أخذ المصمم على عاتقه أن يخلق معلماً أيقونياً لمبناه، أكثر بكثير من التركيز في تحقيق مبنى “مكتبي” مألوف. ومن خلال هذه المقاربة، فقد غدا مغزى مقولة “سوليفان” معكوساً تماماً هنا. فبدلاً من تحديد الوظيفية للشكل المعماري، أضحى الشكل هو الذي يقرر طبيعة الإحياز المصممة ونوعيتها، ضمن الفورم المحدد سلفاً!، ما يدلل عن مدى القطيعة الإبستمولوجية، التي تفصلنا عن ما كان يعتبر سابقاً، شأناً ثابتاً و”مقدساً”. وفي النتيجة، فنحن إزاء “أيقونة بصرية” جديدة، أضافت إلى بانوراما المدينة، المتخمة بالمباني الرمزية، شكلاً لافتاً، لا تخطئه العين.

من ضمن المباني المرشحة الفائزة، هناك مبنى “برج السماء” في أبي ظبي أيضاً (تاريخ انتهاء التنفيذ: شباط 2011، الارتفاع: 292 متراً، الطوابق: 74 طابقاً/ الاستخدام الأساسي: سكن/ مكاتب، المالك/ المطور: صروح العقارية، المعمار المصمم: اركيتكتونيكا Arquitectoica). والبرج هو الأعلى من برجين ينهضان، ليؤلفا شعلتين مرحبتين في رواق فخم لمشروع البوابة في أبي ظبي.

المبنى الآخر دعي بـ “برج الشمس”. إن عمارة المبنى مميزة، وهي غير تقليدية بالمرة، شأنها شأن “جميع” المباني المصممة من قبل “اركيتكتونيكا”: المكتب الاستشاري، الذي لا أخفي إفتناني وإعجابي بما ينتج. وقد سبق وأن أعربت عن شعوري ذلك في مقال سابق نشر في إيلاف قبل عام (30 يوليو 2011)، وكتبت فيه متناولاً أحد تصاميم المكتب إياه “..أنا من محبي أعمال . إنها تبدو لي مهمة وممتعة وفاتنة، ودائماً تنطوي على مفاجأة، مفاجأة تصميمية تثير الحيرة والدهشة… والمرح! ومرحها مفعم بذائقة وصخبها وضجيجها”. والوصف الأخير لها، كناية عن أصول معماريها، التي تعود أكثريتهم إلى بلدان أمريكا اللاتينية. (رابط المقال الآتي: http://www.elaph.com/Web/Culture/2011/7/672465.html) في أبي ظبي، تنهل “اركيتكتونيكا”، مرة أخرى، منخزين “خيالها” التكويني، مبدعة لنا عمارة فريدة، تتساوق مع سياق منتجها التصميمي. فقد تم الركون على الشكل البيضوي ليحدد الفورم العام للبرج، الذي يعمل على تخفيض قوة دفع الريح. وأكسيت واجهاته بقطع من الكريستال، تشع في ضوء الشمس. وتبدو نوافذ غرف المبنى من الخارج، وكأنها أشرطة أفقية، تؤكد قوة دفع البرج الأفقية؛ في حين شكلها المنار يغدو نجوماً متلألئة ليلاً. وقد روعي أن تكون الإحياز السكنية في البرج، متمتعة بأوسع قدر من الإطلالات البانورامية للبيئة المحيطة، والتي تؤمنها وفرة أشكال النوافذ المميزة في البرج البيضوي.

ورغم الوعد الذي قطعته للقارئ، باقتصار المقال على موضوع ناطحات سحاب منطقتنا، (وهو ما حصل فعلاً في الأسطر السابقة)؛ فإني، مع هذا، أود أن أشير، ختاماً، ولو بعجالة إلى المبنى الفائز عن منطقة “الأمريكيتين, إنه مبنى “شارع شجرة التنوب الثامن” Eight Spruce Street في نيويورك.(تاريخ التنفيذ: نيسان 2011، الارتفاع: 265 متراً، الطوابق: 76 طابقاً، الاستخدام الأساسي: سكن، الاستخدام الثانوي: مدرسة ومكاتب، المالك/ المطور: “فورست سيتي راتنير كومبانيس”، المعمار/ المصمم: غيهري ومشاركوه).

والمبنى، أراه مثيراً للاهتمام، ليس فقط بكونه “أعلى مبنى سكني” في عموم أمريكا الشمالية، وليس لأنه موقع بكياسة ضمن سياق مباني مانهاتن، وإنما أيضاً، وبالأساس، إلى أسلوب تنطيق لغته المعمارية المميزة والاستثنائية، تلك اللغة التي أضفت بلاغة بصرية معبرة إلى رؤى السكان الحضريين، وأضافت تنويعاً مدهشاً إلى حيّهم. إنها باختصار أحد روائع “فرنك غيهري”: المعمار التفكيكي المجد، الذي لا يكف عن مفاجأتنا وإدهاشنا بمنجزه التصميمي الفريد.

في هذا المبنى، تنزع الواجهات، التي صممت، وعدلت تفاصيلها عبر استخدام برامج كمبيوترية عالية التقنية، وكأنها قطعة قماش ملفوف، إلى تثبيت توقيع المعمار المميز في المشهد المديني، من خلال فرادة المبنى المصمم ولغته التكوينية التي لا تُنسى.

لقد كان مسوغ “ظهور” ناطحات السحاب سابقاً، الحصول في المقام الأول، على مزايا اقتصادية، تتأتى من تكرار محدودية مساحة الأرض المشيد عليها المبنى، تكراراً عديداً. في الوقت الحاضر، لا أحد يعير أدنى اهتمام لهذا الجانب، أو بالأحرى لم يعد الشأن الاقتصادي، حافزاً قوياً لظهور المباني العالية، أو باعثاً مقنعاً لموتيف حضورها في المشهد الحضري. والأمثلة البنائية التي ذكرناها في مقالنا، خير شاهد على ذلك!

(*)Best Tall Buildings 2011, Edited by Antony Wood, New York, 2012.

د. خالد السطاني مدرسة العمارة/ الأكاديمية الملكية الدانمركية للفنون

إقرأ ايضًا