لوس أنجلوس تستغيث فهل من مجيب؟

9

إليكم هذا السر، في الوقت الذي يحب فيه العديد من الناس -بما فيهم أنا شخصياً- مدينة لوس أنجلوس، يجمع معظم الناس على أنها مدينةٌ وقبيحة للغاية، فعلى الرغم من جمالها الطبيعي الساحر وأحيائها السكنية الرائعة، ينقص باقي أجزاؤها الكثير، فمن الجدارن الإسمنتية المسلحة الفارغة، إلى شوارعها العريضة أو حتى طرق السيارات التي لا تقوم بالكثير لتأمين راحة أهالي لوس أنجلوس على الإطلاق، هل يا ترى هنالك ما يجعل هذه المدينة أكثر جاذبية وملاءمة للعيش؟

تتمثل الخطوة الأولى على هذا الطريق بالموافقة على المبادئ التوجيهية التي وضعتها مؤخراً هيئة التخطيط في لوس أنجلوس، وتتلخص هذه المبادئ بمجموعة من الأفكار العمرانية الذكية التي تتضمن شوارع أضيق يمكن المشي فيها، إلى جانب تنشيط واجهات هذه الشوارع ناهيك عن عمارةٍ أكثر مراعاة للجوار.

وسوف تتفاجأ عزيزي القارئ بأن هذه الأفكار ليست جديدة وليست ملزمة ولكنها أداة هامة لتقديم التشجيع اللازم لبناء مدينة أكثر ملائمة للعيش، وكجميع الأفكار الجديدة، قوبلت هذه المبادئ بأصواتٍ معارضة صادرة عن مجموعاتٍ تزعم بأن المبادئ التوجيهية التي طرحتها الوزارة تحفز الإفراط في التطوير، ولكن هذا طبعاً ليس بصحيح فهناك دائماً أفكارٌ جديدة متطورة تحتاج لأن تُنفذ فقط بطريقة مسؤولة.

بعيداً عن هذه المبادئ التوجيهية، تحتاج لوس أنجلوس وبقية مدن كاليفورنيا إلى تنفيذ هذه الأفكار على أرض الواقع دون الاكتفاء باعتبارها مجرد أحداث سنوية جديرة بالتغطية، ونقصد هنا على سبيل المثال “يوم وقوف السيارات” الذي يقام في لوس أنجلوس كل سنة ويستبدل أماكن وقوف السيارات بمساحاتٍ خضراء، بالإضافة إلى احتفالية CicLAvia والتي يتم فيها إغلاق الطرق المزدحمة ليمر عليها المشاة وسائقو الدراجات، كما ونأتي هنا على ذكر سان فرانسيسكو التي تشهد إغلاقاً لشوارعها بضع مرات في السنة ضمن حدث “شوارع الأحد”، في الوقت الذي تتخذ فيه بعض الجماعات مثل مجموعة Tree People على عاتقها تدريب المجتمعات المحلية لزراعة ورعاية الأشجار بين الحين والآخر.

ولكن المدينة تحتاج إلى أكثر من أحداث سنوية إنها بحاجة لبرامج مستمرة، فبدلاً من إغلاق الشوارع مرة واحدة في السنة يجب إغلاق بعضها بشكلٍ دائم، وقد فعلتها مدينة سانتا مونيكا في شارع 3rd Street Promenade الذي أصبح من أكثر نقاط الجذب العمرانية في المدينة، أما نيويورك فقد فعلتها مرارا ًوتكراراً في جميع أنحاء المدينة، ولا سيما في ساحة التايمز لخلق مساحات جديدة يشعر فيها المشاة بالراحة في الأماكن العامة التي تحولت إلى مراكز لسيارات الأجرة.

وبدلاً من زراعة مساحات خضراء متناثرة هنا وهناك، على القائمين العودة بالذاكرة إلى العهد القديم حيث كانت الممرات الخضراء تربط أجزاء المدن وتقوم باستقطاب السكان والاستثمارات على حدٍ سواء، كما ويجب على الجميع البحث عن فرصٍ جديدة للتغيير، فهاهي وكالة LADOT للنقل في لوس أنجلوس على سبيل المثال تبحث عن مدير عام جديد وقد نشرت عريضةً لتشجيع المدينة على توكيل شخص يهتم بالشوارع ليس باعتبارها مجرد طرق للمركبات، ولكن بوصفها طرقاً حيةً يمشي فيها الناس ويتسوقون ويعيشون.

أما المعهد الأمريكي للمعماريين في لوس أنجلوس فيسعى بجد لرصد مكتبٍ خاص للهندسة المعمارية والتصميم العمراني لضمان جودة الأماكن العامة، وإن مثل هذه الجهود يمكن أن تساعد في تحويل الأفكار الجيدة إلى واقع، ويمكن أن تحول لوس أنجلوس إلى نموذجٍ للجيل المقبل عن التصميم العمراني.

منقول عن سام لوبيل الصحفي والمحرر والمصور الكاتب للعديد من الكتب المعمارية، والعامل في عدة صحف ومجلات عالمية ومعمارية؛ أهمها صحيفة نيويورك تايمز ومجلة نيويورك ولوس أنجلوس تايمز وصحيفة المعماري.

إقرأ ايضًا